هل نستطيع أن نصدق؟ - منى مينا - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 10:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل نستطيع أن نصدق؟

نشر فى : السبت 12 مايو 2012 - 8:30 ص | آخر تحديث : السبت 12 مايو 2012 - 8:30 ص

صباح الأمس ــ الخميس 10 مارسيو ــ استمعت فى مؤتمر صحفى عقد فى نقابة الأطباء، لشهادة زملائى الأطباء المفرج عنهم بعد أحداث العباسية، استمعت لشهادة د. آية محمد كمال والعديد من زملائنا طلبة الطب الذين كانوا يحاولون تقديم الإسعافات الأولية للمصابين، واستمعت لشهادة شقيق د. صلاح شعراوى جلال، بعد زيارته له فى السجن.. سأحاول هنا أن أناقش بعضا مما أثارته أمامى هذه الشهادات.

 

أولا: لم يتعرف الأستاذ محمد شعراوى على أخيه د. صلاح شعراوى من الوهلة الأولى، لفرط التعذيب الذى بدل مظهره.. وقد تعرض د. صلاح لكل هذا التعذيب لمجرد أنه كان متوجها للمساعدة فى إسعاف الجرحى والمصابين، ولم يشفع له تقديمه إثبات الشخصية الذى يثبت أنه طبيب، وبالتالى فهو يقدم خدمة علاجية ضرورية وخصوصا فى أثناء حدوث أى اشتباكات.

 

ثانيا: لفت نظرى فى شهادة د. آية ــ بالإضافة للكم الهائل من القسوة فى التعامل، وللإيذاء البدنى والمعنوى البالغ الذى تم تعمد إلحاقه بها وبزميلاتها من المقبوض عليهن ــ أن التنكيل بها كان يزداد كلما حاولت تذكير معذبيها بأنها طبيبة، وملاحظتها أن الجنود الذين كانوا ينكلون بها وبزميلاتها كانوا مشحونين ضد المعتقلين، وكأنهم يحاربون الأعداء..

 

تتكرر الاعتداءات على المستشفيات الميدانية وعلى الأطباء وطلبة الطب، الذين يحاولون تقديم إسعافات أولية للمصابين، حدثت هذه الاعتداءات من قبل أثناء أحداث محمد محمود وأحداث مجلس الوزراء، استشهد من شهور د. علاء عبدالهادى برصاصة أصابته فى رأسه أثناء ارتدائه للبالطو الأبيض ومحاولته إسعاف الجرحى، واستشهد من عشرة أيام أبو الحسن مصطفى طالب الطب فى نفس الملابسات تقريبا، اعتقل د. أحمد حسين منذ شهور وهو يحاول كعضو نقابة الأطباء أن يلبى استغاثة أطباء محاصرين فى المستشفى الميدانى بمسجد عمر مكرم، وكذلك اعتقلت د. آية ود. صلاح منذ أيام وهما يحاولان القيام بواجبهما المهنى فى إسعاف المصابين، لم يشفع للزملاء منذ شهور ولا منذ أيام أن ما يقومون به هو التزام مهنى وإنسانى، وتطوع يحاولون به تعويض قصور الدولة عن القيام بدورها، حيث لاحظنا فى الأحداث الأخيرة أن المستشفيات القريبة من الأحداث إما مغلقة الأبواب وإما مستباحة ومنتهكة بالبلطجية، ولم يكن هناك مكان آمن يستطيع المصاب أن يصل له لتلقى العلاج.

 

 تتكرر الاعتداءات على المستشفيات، ويتكرر تحذيرنا لأن المستشفيات لها حرمتها، ويجب أن تكون دوما أماكن آمنة، وأن الاعتداء على المستشفيات ــ حتى فى أوقات الحروب ــ يعتبر جريمة حرب، يتكرر كل هذا الكلام ولكن الاعتداءات لا تتوقف، بل يتم تجديد حبس د. صلاح شعراوى بتهمة البلطجة ومحاولة اقتحام وزارة الدفاع، حتى زملاؤنا المفرج عنهم، نكتشف أن الإفراج عنهم قد تم على ذمة نفس القضايا العسكرية، وهم متهمون فيها بنفس التهم.. البلطجة ومحاولة اقتحام وزارة الدفاع!

 

 يحدث كل هذا صباحا.. ثم أعود لمنزلى لأجلس ليلا ــ مثلى مثل ملايين المصريين ــ لأشاهد مناظرة هى الأولى من نوعها فى مصر، بين اثنين من أقوى المرشحين للرئاسة، نشاهد هذه المناظرة كعرس غير مسبوق للديمقرطية فى مصر يتنافس فيها المرشحون على عقل وقلب الناخب المصرى... ولكن السؤال هنا هو كيف نستطيع أن نصدق؟ كيف نستطيع أن نصدق العرس الديمقراطى ليلا، بينما نرى نهارا زملاءنا بأجسادهم التى ما زالت غارقة فى الكدمات الشاهدة على التعذيب، ونسمع شهاداتهم الناضحة بالمرارة، والفاضحة لدرجة بشعة من تعمد جلاديهم لمحاولة إذلالهم وكسر روح العزة والكرامة فيهم؟ السؤال هنا: هل نحن فعلا على أبواب انتخابات تؤسس للتحول الديمقراطى؟ أم أن قراءة الواقع تحذرنا من اتجاه آخر؟

 

 إذا قرأنا الواقع يجب أن ننتبه للحكم على 3 من شباب كفاية بالسجن 3 سنوات لأنهم كانوا جزءا من مظاهرة أمام دار القضاء العالى، والحكم على 8 من شباب الثورة بالسجن سنتين عقابا لهم على تضامنهم مع إخوانهم المسيحيين فى المظاهرات الغاضبة بشبرا، بعد مذبحة كنيسة القديسين بالإسكندرية، قراءة الواقع توضح أن عندنا الآن أكثر من عشرة آلاف مدنى مسجون بأحكام العسكرية، وأن هذا الرقم يمثل أكثر من أربعة أضعاف عدد المسجونين بأحكام عسكرية طوال عهد مبارك الأسود، قراءة الواقع تنبهنا لأن الاعتداء على المستشفيات وعلى الأطباء يستمر ويزداد ويضاف له تلفيق التهم ضد الأطباء وتقديمهم للمحاكمات العسكرية!!!

 

 هل نستطيع بعد كل هذا أن نصدق أننا فى عرس ديمقراطى حقيقى يمهد لتمكين الشعب المصرى من جنى ثمار الدماء الذكية التى دفعها شهداء الثورة ومصابوها، أم يجب أن نصارح أنفسنا أن شعبنا الجريح مازال أمامه طريق طويل للآلام، وأكاذيب كثيرة يجب أن ننتبه لها، وتضليل رهيب يجب أن نفضحه ونصححه، وثمن أكبر سيفرض علينا دفعه، قبل أن نستطيع الشروع فعلا فى بناء مجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية؟.

التعليقات