الاطباء والحق فى الصحة - منى مينا - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 8:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاطباء والحق فى الصحة

نشر فى : الجمعة 7 سبتمبر 2012 - 8:35 ص | آخر تحديث : الجمعة 7 سبتمبر 2012 - 8:35 ص

الحق فى الصحة أحد حقوق الإنسان الأساسية، وهو طبعا أحد الحقوق التى تنتهك فى بلادنا.. جهارا نهارا.. دون أن يحرك هذا ساكنا عند أى من المسئولين، كان هذا الحق ينتهك قبل الثورة، ومازال ينتهك بعد الثورة، والأفظع أننا لا نرى أى خطط أو مشاريع، تعطينا أملا أن هذه المعاناة، يمكن أن يكون لها نهاية فى يوم من مستقبل الأيام.

 

•••

تحدثنا كثيرا عن مشاكل الصحة، عن مشاكل ضعف الإنفاق الحكومى على الصحة، وإهدار مخصصات الصحة الضعيفة فى دهاليز فساد ليس له أول ولا آخر، وعن الظلم الفظيع الواقع على الأطباء وباقى مقدمى الخدمة الصحية، بدءا من الأجور التى تقل عن خط الفقر، وحتى الاضطرار للعمل دون وجود أية نظم حقيقية لمكافحة العدوى، حيث يتعذر وجود جوانتيات الكشف فى الكثير من الاستقبالات، وتنقطع المياه فى بعض الأحيان، ويصعب الحصول على الصابون فى الكثير من الأحيان، والنتيجة الطبيعية لكل هذا هو تحول المستشفيات من أماكن للعلاج إلى أماكن لنقل العدوى للمرضى ولأعضاء الفريق الطبى.

 

تحدث الأطباء عن كل ذلك كثيرا، بغرض إصلاح منظومة الصحة الفاسدة، حيث نتمنى أن نكون جزءا من منظومة صحية، تعطينا حقنا فى الأجر العادل وحقنا فى العمل فى ظروف محترمة، وتعطينا فرصة تقديم خدمة صحية نرضى عنها.. ومن أجل هذه المطالب تظاهرنا واعتصمنا وأضربنا.. دون أن نجد أى استجابة.

 

كان تفسيرنا قبل الثورة أن القائمين على الحكم لا يعيرون صحة المصريين أى إهتمام، وأن شروط صندوق النقد الدولى، التى تطالب بتقليص الإنفاق الحكومى على الصحة والتعليم، وتنصح بضرورة أن تتحول الدولة، فى اتجاه خصخصة الخدمات الأساسية، لها أثر كبير، خصوصا مع وجود أباطرة الخصخصة فى مركز صنع السياسات الصحية، السؤال الآن.. هل مازالت شروط صندوق النقد الدولى وقروضه تمنع الدولة من أخذ دور فعال فى التصدى للوضع الصحى الكارثى؟ وهل مازال أباطرة الخصخصة يتحكمون فى وزارة الصحة ولجان الصحة فى المجالس التشريعية؟ والأهم هل مازالت صحة المصريين قضية غير مهمة بالنسبة للمسئولين؟

 

•••

سبب آخر مهم لاستمرار الأوضاع الكارثية للصحة، أن أغلب أصحاب المصلحة فى الحق فى الصحة، مازالوا بعيدين عن أى سعى جاد للحصول على هذا الحق، أصحاب المصلحة هنا هم المواطنون اللذين يحتاجون للعلاج فى المستشفيات الحكومية، وهؤلاء لا يحبون أن يتذكروا مشاكل المرض حينما يكونون أصحاء، أما وقت المرض، فبالتأكيد لن يكون ممكنا للمريض أو لأهله أن يناقشوا ميزانية الصحة ولا سياساتها، كل ما يستطيعه هؤلاء المواطنون عندما يغضبون من مستوى الخدمة شديد التدنى فى المستشفيات، هو أن يصبوا جام غضبهم على الأطباء والتمريض والفنيين!

 

نتيجة لذك أصبح أغلب المدافعين عن قضايا الحق فى الصحة من الأطباء، فهم اللذين يفهمون تفاصيل الموضوع بحكم عملهم، وبالتدريج اعتبر الجميع أن مشاكل قطاع الصحة هى مشاكل خاصة بالأطباء، وأصبح عليهم، ليس فقط دراسة المشكلة واقتراح الحلول، ولكن أيضا التصدى الكامل لمجمل مشاكل هذا القطاع الهام والشديد التأزم، ونتج عن ذلك أن إضراب الأطباء فى شهر مايو2011، هو الذى رفع مطلب رفع نصيب الصحة إلى 15% من الموازنة العامة وتأمين المستشفيات، إلى جانب مطالب الأطباء بتحسين أجورهم، فى حين أن مليونيات التحرير، والسلاسل البشرية، والمسيرات العديدة، التى نظمها شباب الثورة، بالقاهرة وبالمحافظات، لم تذكر مرة واحدة أى مطلب يخص حق المصريين فى الصحة، للأسف لم يتذكر شباب الثورة أيضا، حق المصريين فى التعليم أو السكن، وأحيانا قليلة كان الكلام عن الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور يوضع على استحياء فى ذيل قائمة المطالب، وتاهت الثورة بعيدا عن الحقوق الأساسية للشعب المصرى، وألقى الحق فى الصحة بكل ثقله على أكتاف مجموعة من نشطاء الأطباء، ليحملوا مسئوليته، بالإضافة لمسئوليتهم عن معركتهم من أجل أجور عادلة، وظروف عمل محترمة للأطباء بدلا من ظروف العمل التى لا تُطاق حاليا بالمستشفيات.

 

الحقيقة أننى أعتقد أن هذ الوضع المغلوط، لاعتبار الأطباء وحدهم مسئولين عن الحق فى الصحة، هذا الوضع عليه جزء كبير من المسئولية عن ازدياد أوضاع الصحة ترديا وتأزما، حيث لا يمكن انتزاع أى حق دون أن يناضل من أجله أصحاب المصلحة فيه، ولأن أصحاب المصلحة هنا غائبون عن الساحة، فحق علينا أن نشاهد مستشفياتنا تتدهور من مجرد خرابات إلى خرابات وساحات للمعارك، وحق علينا أن نشاهد عودة القوافل الطبية كإحدى علامات الفساد وإهدار المال الواضحة والمكشوفة، بعد أن اختفت لشهور قليلة بعد الثورة، وحق علينا أن نواجه بالمادة الخاصة بالصحة فى مشروع الدستور الجديد، وهى تتحدث عن مسئولية الدولة عن توفير العلاج «لغير القادرين» بدلا من النص فى الدستور القديم، الذى كنا نعترض عليه لأنه ينص على حق الصحة لجميع المواطنيين، لكنه لا يقدم ضمانات تنفيذ هذا الحق.

 

•••

أخيرا.. أعتقد أن الوقت قد حان لبناء جبهة مجتمعية قوية للدفاع عن حق المصريين فى الصحة.. سيشرف الأطباء أن يكونوا جزءا قويا وفعالا من هذه الجبهة.. حيث سنستطيع معا تحقيق أحلام الأطباء والمرضى فى منظومة صحية محترمة.         

 

التعليقات