على كفة الميزان الاستراتيجى.. صفقات وقوة أو تصعيد وضعف - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 12:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

على كفة الميزان الاستراتيجى.. صفقات وقوة أو تصعيد وضعف

نشر فى : السبت 4 مايو 2024 - 6:25 م | آخر تحديث : السبت 4 مايو 2024 - 6:25 م

إسرائيل فى حالة انتظار التطورات فى عدة مسارات متزامنة، ويمكن أن تصل إلى مرحلة الحسم خلال الأيام، أو الأسابيع المقبلة، وسيكون لذلك تأثير فى مكانتها الاستراتيجية والبنية الإقليمية للسنوات المقبلة. أولًا، الحديث يدور حول مداولات بشأن خطة جديدة لإعادة الرهائن، وأيضًا التصعيد فى مواجهة حزب الله فى الشمال، وإمكان التطبيع مع السعودية. وهذا كله يحدث فى الوقت الذى نشهد خطر إصدار محكمة الجنايات الدولية فى لاهاى مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبار. وللوهلة الأولى، يبدو أن هذه المسارات مختلفة، لكنها مرتبطة فيما بينها، عمليًا، وكلّ تطور فى أحد المسارات سيؤثر فى المسارات الأخرى بشكل مباشر ودراماتيكى.

المفتاح المركزى يكمن فى النجاح، أو الفشل فى التوصل إلى صيغة جديدة لإعادة الرهائن. النجاح فى هذا الأمر سيؤدى إلى وقف إطلاق نار مستمر فى غزة، وأيضًا فى الشمال، بسبب العلاقة المباشرة التى أرساها نصرالله بين الجبهات، وهو ما يمكن أن يفتح الطريق للدفع قدمًا بخطة بايدن الكبيرة التى تقوم على حلف بين إسرائيل والدول العربية والتطبيع ضد المحور «المتطرف»، بقيادة إيران. وزير الخارجية بلينكن أوضح أنه من دون وقف إطلاق نار فى غزة، لا يمكن الدفع قدمًا بالتطبيع بين إسرائيل والسعودية. ومن جانب آخر، إن الفشل فى التوصل إلى صفقة يؤدى إلى تصعيد واسع فى غزة (حملة فى رفح)، ومن الممكن أيضًا فى الشمال، وسيؤثر سلبًا فى إمكان التطبيع.

وأكثر من ذلك، إن إسرائيل أمام طريقَتين مركزيتين لتغيير الواقع الأمنى فى الشمال، وهو ما سيسمح بعودة عشرات الآلاف من المواطنين والمواطنات إلى منازلهم. الأولى، هى عبر الوصول إلى ترتيبات مع حزب الله وسحب قواته إلى شمالى نهر الليطانى. شرط تحقيق هذا الأمر هو وقف إطلاق النار فى غزة. أمّا الثانى، فهو عبر حملة عسكرية يمكن أن تؤدى إلى حرب واسعة مع حزب الله. لذلك، فإلى جانب التحضيرات العسكرية، على إسرائيل العمل على إعداد الجبهة الداخلية والغطاء الدولى والأمنى والاقتصادى من الولايات المتحدة.

يمكن أن يكون للحملة على رفح إسقاطات سلبية أيضًا على العلاقات، المتوترة أصلًا، مع الأردن، وفى الأساس مع مصر، وذلك بسبب التخوف من موجات لاجئين سيحاولون الوصول إليها. ومن المهم التشديد على أن التنسيق والتعاون مع مصر ضروريان للدفع بالحملة على رفح، من أجل بناء عائق يمنع استمرار التهريب عبر محور فيلادلفى (فى الأساس عبر الأنفاق)، كمركّب مركزى لتفكيك القدرات العسكرية لحركة حماس.

الحملة على رفح يمكن أن تؤثر سلبًا، وتسرّع المسارات فى المحكمة الدولية فى لاهاى، وذلك بسبب التخوف من الضرر الذى سيلحق بالمدنيين والمدنيات وجعل الوضع الإنسانى أصعب، وحتى أنها يمكن أن تؤدى إلى إصدار مذكرات اعتقال ضد مسئولين إسرائيليين كبار. الحديث يدور حول ضرر استراتيجى متعدد الأبعاد، سيلحق بدولة إسرائيل ويؤثر، ليس فقط فى قدرتها على الاستمرار فى القتال، بل أيضًا فى التعاون ما بين إسرائيل والدول الغربية، وبصورة خاصة، ليس فقط فى المجالات الأمنية والعسكرية.

الرئيس بايدن يطمح إلى الدفع باتفاق مع السعودية قريبًا، وذلك بسبب جدوله الزمنى فى انتظار الانتخابات الرئاسية التى ستجرى فى نوفمبر هذا العام. وعمليًا، يبدو أن أمام بايدن مدة شهرين فقط للتوصل إلى اتفاق، قبل أن تصبح المعركة الانتخابية فى ذروتها. وبحسب رؤية الرئيس، فإن للاتفاق مع السعودية إسقاطات سياسية واقتصادية وأمنية مهمة بالنسبة إلى مكانة الولايات المتحدة على الساحة الدولية عموما، وبشكل خاص فى الشرق الأوسط، ويبدو أنه مصمم على الدفع بها قدما. لذلك، فإن سيناريو استمرار القتال فى غزة يمكن أن يدفع بايدن إلى الذهاب إلى اتفاق ثنائى مع ولى العهد السعودى، يقوم على حلف دفاعى بين الدولتين، ويمكن أن يتضمن أيضًا مركبات إضافية تتعلق بصفقات السلاح، وبخطة نووية مدنية فى المملكة.

فى ظل هذا الواقع، كلّ قرار سيتخذه رئيس الحكومة نتنياهو سيكون له إسقاطات بعيدة المدى على قوة، أو ضعف دولة إسرائيل الاستراتيجية لسنوات طويلة مستقبلا. يقف نتنياهو أمام فرصة تاريخية لقيادة إسرائيل نحو القوة الاستراتيجية والقيام بتغييرات بعيدة المدى، وعلى رأسها بناء حلف إقليمى واسع ضد الخطر الإيرانى المتصاعد.

هذا هو وقت اتخاذ قرارات شجاعة ومصيرية وتبنّى استراتيجيات إقليمية واسعة، تكون أهم من السياسة المحلية. كل قرار آخر يمكن أن نندم عليه أعوامًا طويلة.

 

شى هار تسفى

معاريف

مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات