هل نستطيع اعتبارها محددات فوق الدستورية؟ - منى مينا - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 12:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل نستطيع اعتبارها محددات فوق الدستورية؟

نشر فى : السبت 31 مارس 2012 - 9:35 ص | آخر تحديث : السبت 31 مارس 2012 - 9:35 ص

الآن.. وسط كل اللغط الدائر عن تشكيل الجمعية التأسيسية المسئولة عن صياغة الدستور، هل نستطيع أن نعود لما يريده الشعب المصرى من الدستور؟

 

الدستور باعتباره عقدا بين الشعب والحكومة، هو الحامى الأساسى لحقوق الشعب، لذلك يتجه أغلبنا عند الحديث عما نريده من الدستور، للحديث عن حماية الحريات، وحماية حقوق الأقليات، ونوع الدولة التى سيحددها اتجاه الدستور هل هى دولة دينية أم دولة مدنية؟ نتجه للحديث عن ضمانات الفصل بين السلطات واستقلال القضاء وحرية الصحافة.. وكلها قضايا مهمة جدا، ولكنى لا أفهم لماذا ينسى أغلبنا الحقوق الاجتماعية التى يحتاج الشعب المصرى من الدستور باعتباره أبوالقوانين أن يحددها ويحميها؟

 

المناقشة الدائرة حاليا حول «من يكتب دستور مصر»، والمخاوف المشروعة والمهمة أن ينفرد اتجاه واحد من الأطياف المتعددة للشعب المصرى بوضع محددات الدولة فى الفترة المقبلة، كل هذه المناقشة المهمة هل نستطيع أن نخرج منها قليلا لنتفق على محددات أرى أنه يمكن أن تعتبر محددات فوق الدستورية، بمعنى أنها يجب أن تظل سارية بغض النظر عن اتجاه الدولة التى سيرسيها الدستور، يجب أن تظل سارية فى الدولة سواء كانت مدنية أو دينية.. وسواء كانت تعتمد توجهات الاقتصاد الرأسمالى أو الاشتراكى.

 

هذه المحددات هى محددات الحقوق الاجتماعية للشعب التى يجب أن تضمن الحق فى التعليم، وفى الصحة، وفى العمل بأجر عادل.. باختصار يجب أن توجد فى الدستور محددات تضمن للشعب المصرى الحق فى الحياة الكريمة التى حرم منها طويلا.. ولأن المفترض أن هذه الحقوق حقوق أساسية، ولا خلاف عليها لذلك يجب أن تكون موجودة دائما خارج دائرة الخلافات السياسية والعقائدية ويجب ــ فى رأيى ــ أن تقر أولا قبل أن تغرق المناقشات فى بحور الخلافات العديدة، والتى لا يستطيع المواطن البسيط فهم ولا متابعتة الكثير منها.

 

البعض سيرد بأن هذه الحقوق التفصيلية مكانها القوانين وليس الدستور، يكفى للدستور أن يقر مبادئ عامة مثل «تكفل الدولة الحق فى العلاج لكل المواطنين».. لكن الدستور السابق (دستور 71) كان يحتوى على مثل هذه النصوص، التى لم تنعكس أبدا فى خدمة صحية حقيقية للمواطن المصرى، كما أن الدساتير الحديثة (مثل دستور البرازيل والدساتير فى أمريكا اللاتينية) أفردت مساحات كبيرة لتحديد الحقوق الاجتماعية للمواطنين التى تلتزم بها الدولة، وهذا هو أساس ما يحتاجه المواطن المصرى.

 

لذلك فأنا أطالب الجمعية التأسيسية التى ستضع الدستور، سواء كانت هى الجمعية الحالية، أو تم تغيير بعض أعضائها أو حتى كل أعضائها، أطالبهم بوضع فصل كامل بالدستور حول الحقوق الاجتماعية للمواطن المصرى، ينص فى الجزء الخاص بالصحة، بجوار الصيغ العامة مثل (الصحة أحد الحقوق الأساسية للمواطن المصرى، والدولة تكفل وصول الخدمة الصحية لكل من يحتاجه) على صياغات أكثر تفصيلا وإلزاما للمشرع وللسلطة التنفيذية مثل (نصيب الصحة يجب ألا يقل عن 15% من الموازنة العامة للدولة) و(فى حالات الطوارئ يجرم كل من يطالب المريض بمقابل للخدمة الصحية قبل تقديمها له على الوجه الأكمل لمدة 24ساعة على الأقل)، كما يجب أن ينص فى الجزء الخاص بالتعليم على أن التعليم فى كل مراحله هو أحد مسئوليات الدولة تجاه المواطن وتجاه مستقبل الوطن، وأن ميزانية التعليم يجب ألا تقل عن 25% من الموازنة العامة للدولة، أيضا أرى أن ينص فى الجزء الخاص بالعمل على أن حق العمل بأجر كريم يكفل الحد الأدنى من الحياة الإنسانية هو حق أساسى للمواطن، ويجب أن يحدد الحد الأدنى للأجر بناء على دراسة لسلة السلع الأساسية التى لا يستطيع مواطن الاستغناء عنها، على أن يلزم الدستور المشرع والسلطة التنفيذية بمراجعة هذا الأجر سنويا بناء على نسبة التضخم التى يعلن عنها الجهاز المركزى للإحصاء، يجب أيضا أن ينص الدستور على سقف محدد للحد الأقصى للأجور وللدخول، حتى نضمن أننا سنحيا فى مجتمع يقبل التفاوت، وإن كان يرفض التوحش.

 

طبعا المطلب الأخير الخاص بوضع حد أدنى وحد أقصى للأجر، هو جزء من مطلب أعم «هيكل عادل للأجور» وهو مطلب ملح للشعب المصرى، يفجر عدم وجوده العديد من الاحتجاجات والتظاهرات والاعتصامات يوميا، لذلك وقبل أن يصاغ الدستورالذى ستتأخر صياغته بالتأكيد لشهور عديدة، وقبل أن تضع الوزارة مشروع الموازنة القادم، أتمنى من مجلس الشعب أن يقوم بدوره فى التصدى لصياغة قانون يضع هيكل جديد للأجور فى مصر، يحدد الحد الأدنى والحد الأقصى للأجر، حتى يكون هذا القانون محدد للوزارة فى وضع الميزانية للعام المالى القادم، خصوصا أن المجلس الذى مضى على عمله أكثر من شهرين لم يتصدَ حتى الآن لأى تشريع يحاول أن يحل أى أزمة من الأزمات الأساسية للمواطن المصرى.. أما عن وضع محددات خاصة بحق المواطن المصرى فى أجر عادل فى الدستور، فهى ضمان ألا ينشغل المسئولون عن هذه النقطة المهمة مستقبلا، سواء كان هؤلاء المسئولون فى حكومة يهمها ألا تسحب منها الثقة، أو مجلس شعب ــ للأسف ــ يحاول حتى الآن أن يستخدم سلاح التشريع القوى الذى يمتلكه، فى وضع حلول جذرية للكثير من المشاكل الاجتماعية والسياسية التى نعانى منها.

التعليقات