الفنان - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 4:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفنان

نشر فى : السبت 31 مارس 2012 - 9:15 ص | آخر تحديث : السبت 31 مارس 2012 - 9:15 ص

ساركوزى، الرئيس الفرنسى، وجّه فى بيان رسمى من قصر الإليزيه، تهنئة حارة، لطاقم فيلم «الفنان»، الذى انتزع عدة جوائز أوسكار.. من ناحيته، قدم أوباما، الرئيس الأمريكى، دعوة رسمية، للكلب «يوجى»، أحد أبطال «الفنان»، لتناول العشاء، فى البيت الأبيض. كل من الرئيسين، معه الحق فيما فعله، ففرنسا، مهد السينما، تعبر عن سعادتها، لأن مبدعيها أثبتوا حضورهم الأثير، فى عالم الأطياف. أما احتفاء أوباما بالكلب «يوجى»، فإنه يعبر، فى بُعد من أبعاده، عن تقدير بلاد العم سام، للمبدعين، حتى لو كانوا «كلابا»، كما تشير إلى أن «هوليوود»، ممثلة فى «الأكاديمية» المانحة للأوسكارات، تفتح ذراعيها للموهوبين، من شتى أنحاء العالم.. إنها بلاد تحترم الفن، تنتج وتصنع وتنتشر وتكسب، ولا تنزلق فى مهارات، سمجة ومتخلفة، عما إذا كانت السينما حلالا بلالا، أم حراما وإثما.

 

«الفنان»، حالة فنية ساحرة، تنساب طوال الساعتين، يقف وراءها المخرج الفرنسى، ميشيل هازانافيشيس، محققا أمنية انتابته منذ سنوات: تقديم فيلم بالأبيض والأسود، عن زمن السينما الصامتة، وبأسلوبها، يتضمن الكثير من الأحاسيس، يخاطب العواطف، يمس شغاف القلوب، ويؤكد، عقليا، فكرة التطور الحتمى، الذى إن لم يستجب المرء له، ويتعايش معه بعد أن يعترف به، فإنه حتما سيضيع.

 

بطل الفيلم، جورج فالنتاين، بأداء جان دوجان، نجم الأفلام الصامتة، صاحب الوجه الصبوح بعينيه الواسعتين، الشفافتين، وشاربه الرفيع، الأنيق، وابتسامته العذبة، يعيش أذهى سنوات حياته. الأضواء عليه لا تخبو، صوره فى المجلات والجرائد وعلى الأفيشات، ومعه كلبه الذكى، الوفى، «يوجى» تنهمر على الشاشة مشاهد سريعة من أفلامه، يبارز عدة أشرار، يقفز من صخرة لأخرى، يرقص تانجو رومانسى مع جميلة، ويتعمد المونتاج أن يسير وفق أفلام العشرينيات من القرن الماضى، فالنقلات تتم بالإعتام التدريجى من الجانبين، أو بالإخفاء عن طريق دائرة الإظلام التى تضيق، وإلى جانب الأداء التمثيلى المعتمد على تعبيرات الوجه، ثمة الموسيقى المصاحبة طوال العرض، فضلا عن كلام بعض جمل الحوار المكتوبة على الشاشة.. النجم اللامع يلتقى بعاشقة التمثيل المغمورة، الناشئة، بيبى ميللر، بأداء بيونس بيجو، الرقيقة، الموهوبة، يصر على مشاركتها للبطولة، ويضطر المنتج المنزعج للإذعان.دوام الحال من المحال، الصوت يدخل السينما. الأفلام تنطق. نجوم الصمت يتوارون. فالنتاين لا يصدق، تنتابه الهستيريا، خاصة حين يتم الاستغناء عنه، وفى مشهد متعدد المعانى، يلتقى الفنان الآفل بالصاعدة للمجد، بيبى ميللر، على سلالم إدارة الاستوديو، بينهما عدة درجات، هى تقف بالأعلى، يتبادلان حديثا ودودا، حركة الصعود والهبوط، على السلالم لا تتوقف، هو يودعها لينزل بينما هى تواصل صعودها.. فالنتاين، المصر على البقاء فى الأمس، ينتج فيلما صامتا، بكل ما يملك، وها هى صالة العرض خاوية، إلا من قلة، من بينها بيبى التى تتابع بعينين مغرورقتين بالدموع.. فى نوبة غضب، عقب الإفلاس، يقوم فالنتاين بحرق شرائط أفلامه، يسقط وسط الدخان. كلبه «يوجى» يقفز خارجا، يعدو نحو عسكرى الشرطة، الغبى الشجاع، ينبح بشدة. امرأة عجوز تنبه الشرطى إلى أن الكلب يستنجد به، يجرى وراء الكلب، يقحم مكان الحريق وينقذ النجم المهجور.. «يوجى»، فى أحد المشاهد، يرى صاحبه وقد كاد يطلق الرصاص على نفسه، يمسك بأسنانه بنطال الرجل كما لو أنه يثنيه عن عزمه. إنه أحد الأبطال بحق.. «بيبى»، التى غدت «سوبر ستار»، تصر أن يشاركها فالنتاين البطولة. ذات المنتج الرافض يذعن لإرادتها، مضطرا.. الفيلم ينجح. «الفنان»، عمل إنسانى كبير بحق.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات