الشاشة الأمريكية.. تخاصم السعودية - كمال رمزي - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 12:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الشاشة الأمريكية.. تخاصم السعودية

نشر فى : الثلاثاء 4 أكتوبر 2016 - 11:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 4 أكتوبر 2016 - 11:20 م

المتاعب لا تأتى فرادى، حتى عالم الأطياف، فبينما لم تفتر هجائية «السعودية بدون غطاء»، جاءت عاصفة «وصية لأجل الملك»، حاملة معها قدرا لا يستهان به من الذعر والغضب، بدا جليا فى تعليقات تتخوف من أن يكون الفيلم التسجيلى «.. لا غطاء»، والروائى «.. لأجل الملك»، بداية حملة سينمائية، تواكب وتدعم، سطو أمريكا على مدخرات مملكة، يقدمها الفيلمان على نحو يهيئ الجمهور ــ نفسيا ــ لقبول التهام العم سام، لممتلكات السعودية.

ترسانة الأسلحة السينمائية، متوافرة فى هوليود، لها تاريخ طويل فى العمل كمخلب لسياسة واشنطن.. عادة، تقدم، بأساليب الساحرة، ضحايا الأطماع الأمريكية، على نحو مشوه، لا يثير أى تعاطف معهم، خاصة فى فترات النزاع، أو التى تسبقها مباشرة. الذاكرة لاتزال تنبض بصور اليابانيين، بوجوه صفراء جامدة، تخفى لؤما وقسوة لا يحدها حدود.. الأفارقة، بمن فيهم من زنوج، مجرد أغبياء، لا يصلحون إلا كخدم للأسياد البيض.. العرب: أثرياء، شهوانيون، حمقى، يرتدون الدشاديش البيضاء، يضعون العقال على رءوسهم.

فى هذه المرة، ٢٠١٦، لا يذهب العربى إلى علب الليل فى بوسطن أو شيكاغو، لكن الأمريكى، آلن كلاى، بأداء «توم هانكس»، هو الذى يرحل إلى السعودية، عقب تعرضه للإفلاس، مع شركة الاتصالات التى يعمل بها.. إنقاذا للموقف، يتقرر سفر «آلن» إلى المملكة، كى يعرض على الملك اختراع الشركة التعلق بظهور صورة ثلاثية الأبعاد للمتحدث فى التليفون، فضلا عن إنجازات أخرى، تحتاجها مدينة الاقتصاد والتجارة، التى من المفترض بناؤها، على أحدث طراز.

الفيلم، لا يخلو من الكوميديا، ذات الطابع الأمريكى البارد.. من الممكن إدراجه فى نوعية «الرحلات»، حيث نرى البلاد، خلال عيون الوافد، كما نتلمس أبعاد شخصية الغريب القادم، من واقع آخر، مختلفا، فى قيمه ومعاييره.

يصل «آلن» المنهك نفسيا، بسبب خلافات مع زوجته، والمرهق جسمانيا نظرا لطول الرحلة. يقف أمام شباك ختم الجوازات.. ثمة نظرة مريبة بين «توم هانكس» والمسئول.. «هانكس»، بتردد، يخرج من جيب جاكتته الداخلى دولارات، تنتهى اللقطة من دون أن نعرف بالضبط: هل دفع رشوة أم لا.. لغته توحى أكثر مما تصرح.

فى فندق «الحياة» يلتقى السائق الذى سيصحبه فى تحركاته، «يوسف»، المرح، بشعره المنكوش، المغبر.. يذهب به إلى القصر الملكى ليكتشف أن الملك غير متواجد.. تتوالى زياراته، بلا فائدة، فالملك إما فى اليمن، أو نيويورك، أو مكان آخر.

المخرج، كاتب السيناريو، الألمانى الأصل، توم تايكور، يتعمد، إظهار الإبل، جماعات، بعضها يتبختر فى الطرق السريعة، الأمر الذى أثار حفيظة السعوديين.. يصل «هانكس» إلى فريق عمله الذى سبقه إلى موقع المدينة الناشئة. يجلسون داخل خيمة شديدة الحرارة، يعانون من انقطاع «النت» لساعات طويلة.. حركة العمل فى المدينة بطيئة، الحراس، فى القيظ، يغلبهم النعاس. عندما يسأل «هانكس» السائق: هل يوجد نقابة للعمال.. يجيبه «يوسف»: لا.. إنهم من الفلبين!.. هكذا، كما لو أنهم بلا حقوق، فى مشهد مروع، أثناء صعود «هانكس»، على السلالم، فى بناية لم تستكمل، نرى معه، فى صالة مظلمة، معركة وحشية بين عمال، من جنسيات آسيوية، أفريقية.. يرتسم على وجه «هانكس» مزيج من الذعر والأسى.

من العام، ينتقل الفيلم إلى الخاص. «آلن» أو «هانكس»، أثناء استحمامه، يكتشف كيسا دهنيا فى ظهره، يحاول ــ المتهور ــ أن يفتحه بسكين. النتيجة، اللجوء لمستشفى حيث يلتقى الطبيبة «زهرة حكيم»، بأداء الممثلة، الهندية الأصل «ساريتا تشودرى»، تجرى له جراحة. تنشأ بينهما علاقة حب متوترة، لأنها لم تحصل على الطلاق من زوجها بعد.. تدعوه لفيلتها الأنيقة.. يتجرع معها الكحول. تؤكد له أن أفخر أنواع الخمور، تتوافر، خلف الأبواب المغلقة. هذه العلاقة فجرت غضب المعلقين السعوديين، حتى أن بعضهم زعم أن «ساريتا تشودرى» أصلا، ممثلة «بورنو».

بعد عشرات التفاصيل، بما فيها رحلات مكوكية لا تضيف جديدا، يزور الملك موقع المدينة.. الأماكن تزين بالإعلام، النخيل يوضع فى الممرات.. كل شىء يبدو لامعا، براقا.. يشهد الملك، برضاء، العرض الذى يقدمه فريق «هانكس»، المغتبط برضاء صاحب السمو.. لكن المفاجأة المؤلمة تتكشف فى النهاية: الصين، قدمت ذات العرض، مع بعض الإضافات، بتكاليف لا تتجاوز نصف ما تطلبه الشركة الأمريكية.

«وصية لأجل الملك»، المشتت، المتواضع فنيا، يترك انطباعا سيئا عن بلاد، لاتزال تعدم الأفراد، بالسيف، أمام المساجد، مما يجعل «هانكس» المستنكر، يغمض عينيه اعتراضا حين يقترح عليه «يوسف» المشاهدة.. قال معلق سعودى: «لابد من الرد، ولو بفيلم».. لكن آخر، قال له، بلهجة لا تخلو من حزن: أين لنا بهذا الفيلم.. هل نسيت أننا لا ننتج أفلاما.. لأن السينما فى السعودية.. حرام.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات