على الرغم من أن مصر هى الدولة العربية الوحيدة التى بها صناعة سينما مكتملة الجوانب، وأنها الأسبق فى إنتاج الأفلام، فإن تونس تعتبر الدولة الرائدة فى تنظيم المهرجانات السينمائية، فـ«أيام قرطاج السينمائية» بدأ فى الانعقاد منذ العام 1964، مرة كل سنتين، ويقتصر، فى مسابقته الرسمية، على الأفلام العربية والأفريقية، وفى عام 1979 تم الإعلان عن مهرجان دمشق السينمائى، متآخيا مع «أيام قرطاج»، فتقرر إقامته كل عامين، فى التواريخ الفردية، وأن تكون أفلام التسابق قاصرة على الأفلام العربية والآسيوية، فضلا عن أفلام أمريكا اللاتينية.

دخلت مصر عالم المهرجانات من باب ضيق، فبينما كانت الدولة التونسية هى راعية «أيام قرطاج»، والدولة السورية هى المسئولة عن «مهرجان دمشق»، عقدت أول دورة لمهرجان القاهرة السينمائى «تحت مظلة أحد فنادق القاهرة»، الأمر الذى أثار غضب قطاع لا يستهان به من النقاد، وتعرض المهرجان لعواصف من الهجوم، وبعد ثلاث دورات متخبطة، سحب الاتحاد الدولى للمنتجين عام 1978 اعترافه بمهرجان القاهرة كمهرجان دولى، ولكن بسبب ثقل وحجم مصر سينمائيا من ناحية، وتعديل المهرجان لمساراته من ناحية أخرى، أعاد الاتحاد الدولى للمنتجين اعترافه بالمهرجان عام 1991، ليصبح ضمن الخمسين مهرجانا المعترف بها دوليا، والوحيد المعترف به على مستوى الشرق الأوسط وقارة أفريقيا.

توالت المهرجانات فى مصر، وانتشرت فى الدول العربية، الكثير منها تعثر، إما بسبب الحروب، مثل «المهرجان العربى للأفلام التسجيلية» فى العراق، أو بسبب ظروف أمنية داخلية مثل «عنابة» و«قسنطينة» فى الجزائر، أو لضعف التمويل مثل «خريبكة» و«فاس» فى المغرب، وفى المقابل تشهد الساحة العربية ميلاد مهرجانات جديدة كل عام، سواء فى الخليج مثل «دبى» و«أبوظبى» أو المغرب والجزائر، مثل «مراكش» فى الأولى و«وهران» فى الثانية.

إلى جانب مهرجان القاهرة، ثمة مهرجان أفلام الأطفال، ومهرجان الإسكندرية، ومهرجان الأفلام التسجيلية والقصيرة فى الإسماعيلية، أى أن عددها لا يتجاوز عدد أصابع الكف الواحدة، وببساطة يمكنك أن تتذكر المهرجانات الغائبة، والتى يليق بمدننا أن تحتضنها: «الأفلام الأفريقية فى أسوان، وأفلام الجنوب فى أسيوط أو المنيا، والأفلام الآسيوية فى العريش، وأفلام الموانئ فى بورسعيد، وأفلام البحار فى الغردقة وهذا كله على سبيل المثال وليس الحصر.