العرابة المدفونة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 8:26 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العرابة المدفونة

نشر فى : الثلاثاء 30 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 30 أبريل 2013 - 8:00 ص

فى افتتاحية «المومياء» رائعة شادى عبدالسلام، يتهادى إلى سمعنا صوت الممثل محمد خيرى، يقرأ سطورا من كتاب «الموتى» الفرعونى: لك الخشوع يارب الضياء.. أعد إلى الذاكرة اسمى، يوم أن تحصى السنين.. ثم يطالعنا، على ضوء شحيح، وجه العلامة، ماسبيرو، يتحدث فى اجتماع مع عدد من مفتشى الآثار، ومن بينهم «محمد خيرى»، الذى يؤدى دور الأمين المساعد للمتحف المصرى، والذى يرغب، بروح وطنية، الذهاب إلى طيبة، لاكتشاف المقابر المجهولة التى يجرى تهريب مقتنياتها إلى خارج البلاد.. «أحمد كمال 1851 ــ 1923»، شخصية حقيقية، يعد أول مصرى متخصص فى الفرعونيات، أجاد اللغات الفرنسية، الإنجليزية، الألمانية، التركية، والهيروغليفية.. من مؤلفاته «ترويح النفس فى مدينة الشمس والمعروفة الآن بعين شمس» و«الدر النفيس فى مدينة منفيس» و«الفوائد البهية فى قواعد اللغة الهيروغليفية»، فضلا عن كتابات أخرى. وهو رائد مدرسة الآثار التى نبغ فيها الجيل الثانى: سليم حسن، صاحب «موسوعة مصر القديمة» 18 جزءًا، ومحمود حمزة، أول مدير مصرى للمتحف 1950.

 

«ماسبيرو»، أحب واحترم النابغة أحمد كمال، وجعله ذراعه اليمنى، وأسند له الكثير من الأعمال، وفى السنوات الأولى من القرن الماضى، أرسل أحمد كمال بعثة، يشرف عليها المستر كوبيل، من المتحف المصرى، والمستر بيترى، من المتحف البريطانى، للبحث عن آثار قرب مدينة البلينا بسوهاج.. وفى منطقة مغمورة بالرمال والقمامة، اكتشفت البعثة تحتها أحد أجمل المعابد فى العالم: معمار ضخم، بديع فى تفاصيله، يتضمن سجلا بالملوك، ورسوم آية فى الدقة والبراعة، وبعيدا عن تفاصيل معبد أبيدوس المبهرة، كتب أحد أعضاء البعثة كلاما صادقا عن دهشته بعظمة الآثر، ولكن قال فى رسالته: ما أدهشنى أكثر، بل أذهلنى، كيف أهمل المصريون هذا الإنجاز الحضارى المبهر، وتعايشوا، مع الرمال التى تزحف عليه، والقمامة التى تعلوه، حتى اختفى تماما عن العيون؟.. ملاحظة الرجل، وذهوله، تدفع المرء لسؤال: هل تتشابه الليلة مع البارحة؟.. بكلمات أخرى: الصرح الكبير، المسمى مصر، هل تزحف عليه الرمال وأكوام القمامة؟.. ربما من يقول نعم، معه بعض الحق، فأن يدعو معتوه لتحطيم التماثيل، قديمها وجديدها، وأن يصف تافه كتابات نجيب محفوظ بالعهر، وأن يعلن جاهل عن حرمانية الموسيقى والغناء والفنون، وأن يطالب دعى بسحب جائزة نوبل من البرادعى، وأن يقدم مغمور بلاغا للنائب العام يتهم فيه شيخ الأزهر الجليل بتبديد المال العام، وأن يناشد بلطجى أعوانه للتظاهر أمام بيوت القضاة، وأن يحكم وكيل نيابة على مواطن بالجلد، ويهدد الضابط بتوقيع ذات العقوبة إذا لم ينفذها، وأن يقوم أثقل الناس ظلا، صاحب اللحية البيضاء، بوصف فناننا المبهج، صلاح جاهين، بالمجرم، وبأنه «تاريخ مصر القذر».

 

هذه كلها، ليست وجهات نظر، ولكن زكائب سخائم ونفايات، تحاول الزحف والتراكم، حول وفوق وجه مصر.. فهل تنجح فى مسعاها الوضيع؟

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات