على جثتى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 6:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

على جثتى

نشر فى : الأربعاء 30 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 30 يناير 2013 - 8:00 ص

رجل أعمال ناجح، أصلا هو مهندس ديكور، صاحب معرض أثاث فاخر، متعدد الأدوار، شركته عامرة بموظفين وموظفات، يسكن فيللا أنيقة، له زوجة جميلة، وطفل رقيق، وديع.. إلا أن الرجل المحظوظ، سيئ الطباع، شرس، شديد السطوة، متجهم دائما.. يتعرض لحادث أليم يجعله، لفترة، بين الحياة والموت، راقدا على فراش بغرفة عناية مركزة بأحد المستشفيات، فماذا يرى فى غيبوبته؟.. هذه هى فكرة الفيلم، ذات الطابع الفانتازى، الذى يطلق آفاق الخيال، إلى أوسع مدى. وربما تجسدت «الفكرة» فى الكثير من الأفلام، أجنبية ومصرية، والمؤكد، أنها لا تزال بحيويتها، ومرونتها، قادرة على أن تظل تكأة، تنهض عليها، عشرات الأعمال السينمائية. والعبرة، فى النهاية، ليست فى الفكرة، بحد ذاتها، لكن بكيفية تقديمها فى عالم الأطياف.

 

يبدأ «على جثتى» بداية فاترة: «رءوف، بطل الفيلم، بشارب عريض فوق فم أحمد حلمى، يدخل مؤسسته ويجلس على مقعد مكتبه، ومن خلال دائرة تليفزيونية داخلية، يصدر أوامره إلى العاملين، ويوبخهم، على نحو يشعرنا أنه ليس قاسيا بقدر ما يتظاهر بالسطوة.. فى البيت يوبخ طفله ويعاقبه بمنعه من استكمال قراءة ديوان «البحترى»، وينتقد زوجته «غادة عادل»، بخمول، ويهديها فستانا جديدا! إنه شخصية تكاد تكون مطموسة الأبعاد، وهذه مسئولية كاتب السيناريو، تامر إبراهيم، الذى امتد إهماله المزمن إلى بقية شخصيات الفيلم، حيث بدت، إجمالا، أقرب لقطع الإكسسوار التى يمكن استبدال الواحدة بدلا من الأخرى، بل الاستغناء تماما عن هذه أو تلك.

 

يستيقظ رءوف ــ ليلا، على صوت اطلاق رصاصة، يهرول للحديقة ويحمل كلبه النازف دما. يركب سيارته باحثا عن طبيب. تسقط العربة فى النيل ليبدأ الجزء الثانى، الفانتازى، حيث يلتقى بزميل، بين الحياة والموت. المستشار نوح، بأداء حسن حسنى، ويتجولان سويا، فى عالم رءوف، مما يؤدى إلى إهمال عالم رجل القانون والقضاء، وبالتالى يفوت الفيلم على نفسه فرصة أن يقول الكثير من خلال هذه الشخصية.

 

فى عالم «الفانتازيا»، الذى يتجلى فى المفاصل، بين الموت والحياة، ينطلق الخيال، فلا يمكن أن تكون الديكورات هى ذات الديكورات، والألوان كما كانت قبلا، والموسيقى المصاحبة هى نفسها، وإذا أنعشنا ذاكرتنا بأعمال من هذا النوع، سيبرز لنا ما فعله المخرج بوب فوسى فى «كل هذا الجاز» حين جعل بطله، مصمم الرقصات، يتخيل حتى شكل جنازته، وعند رأفت الميهى فى «سمك لبن تمر هندى» يقدم مستشفى غرائبية لا علاقة لها بالواقع وإن كانت تعبر عنه.. هنا فى «على جثتى»، يتخبط المخرج، محمد بكير، فى خيال كسيح، ما إن ينهض لينطلق حتى تشده قيود الواقع فلا يغادر مطرحه، فيتخبط ما بين ما يحدث فعلا، وما يتوهمه «رءوف»، وربما من الصعب الحديث عن الأداء التمثيلى الأقرب إلى تسميع قطع محفوظات بليدة، لا حياة فيها، الأمر الذى يدفع إلى القول إن «على جثتى» فيلم عظيم الفائدة، لو تعلمنا من أخطائه.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات