باسم يوسف - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 4:56 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

باسم يوسف

نشر فى : السبت 29 ديسمبر 2012 - 8:40 ص | آخر تحديث : السبت 29 ديسمبر 2012 - 8:40 ص

كل شىء غير هادئ فى بر مصر، فالجميع يتشاجرون مع بعضهم بعضا، فى مفترق الطرق، وفى الشوارع والميادين، وأمام المساجد، ومقار الأحزاب، وحول قصر الرئاسة، الأمر الذى يعبر عن حالة من القلق بسبب ريبة كل طرف فى نوايا الأطراف الأخرى.. ومنذ أيام انتقلت المعارك، برا، لتصبح جوا، بين باسم يوسف، صاحب برنامج «البرنامج»، وكتيبة ممن أصابهم «البرنامج» بنقده التهكمى، ففيما يبدو أن روح الفكاهة لم تغادر الشخصية المصرية، حتى وسط الأجواء الرمادية من الشك والعنف، بدليل نزعة السخرية التى تجلت فى الكاريكاتور، والرسوم والمتحركة، والأغانى، والنكات، والتعليقات المتوافرة على شبكات التواصل الاجتماعى.

 

«البرنامج»، منسوج على منوال برنامج «ذا دايلى شو»، السياسى الساخر، الذى يقدمه الممثل والكاتب جون ستيوارت، المتمتع بشعبية واسعة، أتاحت له فرصة استضافة المشاهير، ومن بينهم أوباما، وملك الأردن، عبدالله الثانى، والنجمة كاترين زيتا جونز، وآخرين.. باسم يوسف، قاده ذكاءه إلى الابتعاد عن الصوت العالى، والكلمات الحماسية الطنانة، وتحاشى الانفعالات الحادة، وتجنب الاتهامات والشتائم، والاكتفاء بتعليقات بسيطة، قليلة، يستكملها بملامح وجهه التى لا يكاد يغيب عنها ابتسامة متغيرة المعانى، مستخفة أحيانا.. محايدة، تترك فرصة الاستيعاب للمتلقى أحيانا أخرى.. وتارة تبدو الابتسامة مندهشة، يعقبها ضرب كف بكف، حين تكون الأكذوبة التى يكشفها بالغة الضخامة. وتارة تأتى كتواطؤ بينه وجمهوره، وفى معظم الأحوال، يستعين بشىء من الأداء التمثيلى، على نحو كاريكاتورى، وهو يعتمد على طاقم إعداد جيد، فى جعبته شرائط تسجيل كثيرة، تبين بوضوح مواطن الخلل التى تستحق السخرية.

 

جزء من نجاح باسم يوسف يرجع إلى ثقل ظل خصومه، أو من يتناول ممارساتهم بالنقد، فثمة من هو فى حالة احتقان دائم ومزاج سىء، ويبدو كما لو أنه سيدخل، فورا، فى معركة يدوية حامية الوطيس، وعلى الطريقة المصرية ــ أيام زمان ــ يسبق الخناقة جعجعة وشتائم وتهديدات ووعيد، حتى أن واحدا منهم مهدد بالسجن لمدة عام، بسبب زفارة لسانه.. وآخر، كان طيبا ووديعا وعاقلا، ولكنه انساق وراء رعونة الرجل سالف الذكر، وأخذ يزأر قائلا «هاتولى راجل.. عايز راجل».. وغدت هذه الكلمات الأربع، تميمة الكوميديا فى الشبكة العنكبوتية، وصيدا ثمينا فى برنامج «البرنامج».

 

لا يمكن إغفال دور غباء الآخرين، وزيف ادعاءاتهم، فى تهيئة الناس، نفسيا، إلى الترحيب بالتهكم على أقوالهم، ومواقفهم، وهى المهمة التى يؤديها باسم يوسف بمهارة.. وقد بلغت الحماقة بأحدهم، وهو صاحب لحية ناصعة البياض، إلى الانزلاق نحو باب «غزل المذكر»، فرأى ــ خيبه الله ــ أن باسم يوسف، «أحلى من ليلى علوى»، واضطر المخرج البائس، بناءً على طلب صاحب اللحية البيضاء، أن يضع صورة باسم بجوار صورة ليلى علوى، وبرغم الفارق الواضح بين الأنوثة والذكورة، فإن الرجل المريض أصر على ما يحمله وجه باسم من فتنة، وتمنى عليه أن يلبس النقاب.. عندئذ، أمسى صاحب اللحية البيضاء مجالا للتندر والهجاء والسخرية، عند الجميع.. قلت لك إن رزالة الآخرين، وحماقاتهم، من عوامل نجاح المتهكم الذكى، باسم يوسف.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات