الأفلام القصيرة.. الفائزة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 5:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأفلام القصيرة.. الفائزة

نشر فى : الأربعاء 29 ديسمبر 2010 - 10:35 ص | آخر تحديث : الأربعاء 29 ديسمبر 2010 - 10:35 ص

 زنجى يجرى هاربا من ثلاثة جنود إسبان يتعقبونه بكل إصرار. الرجل الأسود يلف نصفه السفلى بالريش. الجنود يرتدون زى القرن السابع عشر. يظفرون به، يقودونه نحو سفينة راسية عند شاطئ أفريقى.. ذات الرجل. بملابس عصرية، ونفس الجنود، بأزياء حديثة، يطاردون الزنجى عند شاطئ إسبانى، يمسكون به، يزجونه داخل عربة شرطة. هكذا، بالأمس البعيد، قبض على الرجل ليغدو عبدا، واليوم، قبض عليه لأنه جاء إلى البلاد فى هجرة غير شرعية.

هذا الفيلم الإسبانى البديع، ذكرنى به صديقى الناقد المرهف، صاحب الذوق الرفيع، أحمد يوسف، أثناء تحكيم مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، فى مهرجان الإعلام العربى، ومع المناقشة وصلنا إلى نتيجة مؤداها أن الفيلم الروائى القصير، إذا أجيد صنعه، له سحره الخاص، يستطيع أن يعبر، بقوة وجمال، عن أكبر القضايا وأكثرها تعقيدا. إنه يعتمد على الإيجاز والتكثيف. تماما مثل الجملة المحكمة التى تغنيك عن فقرة طويلة، وربما من الصعب تكبيل الفيلم القصير فى قواعد صارمة، فالإبداعات فى مجاله، لا يحدها حدود، وهذا ما أكدته الأفلام الفائزة التالية:

«تصبحون على وطن» للسودانى عروة محمد، الذى يدور فى مكان واحد، وتستغرق أحداثه ذات زمن عرض الفيلم «44 دقيقة»، ويقدم جنديين، أحدهما شمالى والآخر جنوبى. يتماثلان فى السن واللون والملابس ذات اللون الكاكى المترب، الإنهاك رسم التعاسة على وجهيهما. الشمالى يمسك ببندقية، نكتشف لاحقا أنها خالية من الرصاص، بينما الجنوبى فقد بندقيته فبدا مستسلما. بعد عبارات قليلة بينهما يدرك كل منهما أنه يتشابه تماما مع الآخر، حتى فى ذكرياتهما التى تتوالى فى «فلاش باكات» سريعة. الجوع والعطش والمكان الموحش يوحد بينهما. يجلسان بجانب بعضهما بينما تغيب الشمس فى الافق.. إنه فيلم يتدفق بمشاعر التآخى وسط طبول الحرب العبثية التى تدق، واقعيا، خارج «تصبحون على وطن».. واحد.

أما «طفل القمامة» للمغربى حكيم البيضاوى، فإنه يكاد يكون فيلما مصريا أو تونسيا أو عراقيا أو أى بلد عربى أو من العالم الثالث: وسط القمامة، يعيش الفتى الذى لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره. يبدو كما لو أنه جزءا من القمامة، ولكنه يحس، يتألم، يحاول التمرد من دون جدوى، تخلى عنه الجميع، بما فى ذلك والدته التى تهرب فى هجرة غير شرعية.. وها هو، فى النهاية، ملقيا على الشاطئ، وحيدا.. الفيلم،، صرخة احتجاج نابعة من القلب والضمير.


من معهد السينما بمصر يأتى «روح القمح» لمخرج اسمه «هفال قاسو»، مبتسما بجرأة فنية ورحابة فكرية، الفيلم غنائى، يصدح بأصوات أخاذة، يخلو من الفواصل الحادة بين الواقع والخيال، وفى تصوير أقرب إلى اللوحات، قام به الفائز «بيشوى روزفلت» ــ اسماء جديدة وغريبة ــ نشهد قصة حب وحنان، لكن الأهم هو مجموعة الشباب الذين يندمجون سرا، فى القيام بعمل غير مشروع، داخل ما يشبه المخزن. الشرطة تداهم المكان. نكشف معهم أن الشباب يهربون «القمح».. لماذا وكيف؟.. هل يقصد القمح فعلا، أم يقصد روح الحياة. إنه عمل متسع الأفق.. هكذا، الأفلام القصيرة.. من الممكن أن تكون كبيرة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات