لغط - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 6:36 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لغط

نشر فى : السبت 28 أبريل 2012 - 9:40 ص | آخر تحديث : السبت 28 أبريل 2012 - 9:40 ص

هل تأخرنا فى المطالبة بقوانين تحمى الفن والفنانين؟.. الإجابة تأتيك من قلب الأحداث: نعم تأخرنا، بل تأخرنا كثيرا، وإلا قل لى: ما معنى أن يتمطع بعض أعضاء مجلس الشعب، ثم يشمرون عن سواعدهم، ويمتشقون سيوفهم، ليعلنوا، بغرور وصلف، أنهم يعدون «قانونا»، بمقتضاه، تراجع الأفلام السينمائية، قديمها وجديدها، لإقرار مدى صلاحيتها للعرض، وحذف ما يراه الرقباء المحدثون جديرا بالمنع.. هكذا، أعمال صلاح أبوسيف، يوسف شاهين، كمال الشيخ، توفيق صالح، داود عبدالسيد، وآخرين، التى أصبحت جزءا من ذاكرة وضمير وتاريخ وإنجازات الأمة، تمسى تحت رحمة أناس ضاقت رؤاهم، لا يدركون قيمة وقوة الإبداع المصرى، الذى دخل قلوب العرب، وجعل علم الوطن يرفرف عاليا، فى مهرجانات عالمية.. وأحدثها، وليس آخرها، المشاركة المصرية الباعثة على الفخر، فى مهرجات «كان» العريق، بفيلم «بعد الواقعة» للموهوب، يسرى نصر الله.

 

لو أن هذا البعض، من أعضاء «مجلس الشعب» ــ الذى أتوقع عدم استمراره ــ بحثوا عن وسائل النهوض بالسينما المصرية، وحماية تراثها النابض بالحياة، وتدعيم إنتاجها، وتشجيع تصويرها، وتخفيض ضرائبها، وتوسيع آفاق الحرية أمامها، لكان هذا البعض جديرا بالاحترام. لكن أن ينصب الاهتمام على تكبيلها، ورفع عصا الوعيد أمام مبدعيها، والإعلان عن تغليظ العقوبات لمن لا يمتثل للنواهى والممنوعات، ولكل من لا ينفذ المحذوفات من الشرائط الجديدة والقديمة، فإن الأمر يغدو جد خطير، يتطلب موقفا شجاعا وحاسما، ضد هذه الحملة الهوجاء، التى تنذر بما هو اسوأ.

 

الاتجاه المحموم نحو فرض الوصاية على الجميع، يعبر عن القوى الاستبدادية التى تجد لها مؤازريها، وخارج مجلس الشعب، متجسدة فى أصحاب أفكار أقرب للخزعبلات، كأن يقترح أحدهم طمس وجوه التماثيل بصمغ مستورد من الخارج، لا يذوب بأشعة الشمس الساخنة، وهو رأى يبدو خفيفا، لطيفا، مرحا، مضحكا، إذا قيس بذلك الرأى الكئيب، المقبض، الفظيع، حول أحقية الزوج فى «مضاجعة الوداع» لزوجته المتوفاة، خلال «الست ساعات التى تعقب وفاتها».. أما كان يليق بمجلس الشعب أن يتصدى لمثل هذه الترهات، بدلا من الانسياق فى إطفاء أنوار العقل والوجدان.

 

يأتى هذا اللغط وسط أجواء الترويع الفاشلة، المصاحبة لصدور الحكم الصادم على الفنان عادل إمام، بالحبس ثلاثة أشهر، مع الشغل، وبصرف النظر ــ مؤقتا ــ عما ستؤول إليه القضية بعد الاستئناف، ثمة أكثر من مسألة جديرة بالالتفات، فأولا، ليس عادل إمام فقط هو المستهدف، ولكن الإبداع المصرى كله، فماذا يعنى تقديم أشرف أبناء الوطن إلى المحاكمة، فهل من المعقول أو المنطقى أن يكون محمد فاضل أو وحيد حامد، أو شريف عرفة، أو من فى قامتهم، مذنبا!. الإجابة تأتيك من قلب أعمالهم: لا.. والأهم أن هذه الهجمة وحدت صفوف الفنانين، وجعلتهم أشد تماسكا ويقظة، وزادت من اندماجهم فى النشاط السياسى العام، والذى تجلى واضحا، خلال أيام الثورة.. وربما آن الأوان، لبلورة بنود فى الدستور، تحمى الإبداع والفنانين، وتغلق الطريق أمام كل من هب ودب، حين تسول له نفسه، بجرجرة المبدع، إلى قاعة المحكمة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات