المأزقا - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 7:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المأزقا

نشر فى : السبت 28 يناير 2012 - 10:10 ص | آخر تحديث : السبت 28 يناير 2012 - 10:10 ص

لمشاهد الوثائقية تضع السينما المصرية فى مأزق، سواء روائية أو تسجيلية، فالمقاطع التى رصدتها الكاميرات، أثناء الثورة، تبلغ فى قوتها، وصدقها، وصخامتها، حدا يفوق قدرات أى مخرج روائى، حتى لو كان من طراز جريفت أو سكورسيزى.

 

صحيح، قد يعجب المرء بمهارة صناع هذا الفيلم أو ذاك، وربما ينبهر بالقدرة على تحريك المجاميع، ولكن يظل للمقاطع الوثائقية، بكل زخمها وصدقها، سحرها المتفرد، خاصة حين تتعلق بجموع ميدان التحرير، والمواجهات الدامية، البالغة العنف، بين الثوار من ناحية، والعساكر والبلطجية من ناحية أخرى، بالإضافة لبطولة شباب وقفوا، بأجسادهم، أمام خراطيم المياه والمصفحات السوداء والصفراء.. إنها مشاهد أصبحت ذات حضور واضح فى الضمائر، وهنا تأتى مشكلة الأفلام التسجيلية التى تعتمد، بالضرورة، على المقاطع الوثائقية، والملاحظ أن عشرات الأفلام التسجيلية، إجمالا، سارت فى طريقين تقليديين، لا يؤديان إلا لمزيد من عدد الأفلام:

 

الطريق الأول، غالبا، يجرى لقاءات مع المتظاهرين، والمصابين، وأهالى الشهداء، مع تدعيم شهاداتهم بمقاطع وثائقية يحفظها المتلقى تماما. هذه الأفلام تكاد تخرج فى تبويبها داخل خانة السينما التسجيلية لتدخل فى بند البرامج التليفزيونية، وتصل إلى أدنى مستوياتها حين يظهر مع المشاهد، مذيع أو مذيعة، يبديان التأثر الشديد. أما الطريق الثانى، فإنه يعتمد على تعليق صوتى، من خارج المشهد، يشرح، يسرد، يعقب.. أسلوب «التعليق» هذا، كان من آفات السينما التسجيلية المصرية، ظهرت أعراضه، على نحو مزمن، أثناء بناء السد العالى، فمع تصوير الأوناش العملاقة، وكتل الحجارة الملقاة فى مجرى النيل، ينهمر صوت المعلق، العارف بكل الأمور، شارحا، بحماسة، ما نراه أمامنا، مؤكدا، بالأرقام، أهمية المشروع الكبيرة وجدواه المؤكدة.. ثم، فى أعقاب حرب أكتوبر 1973، اجتاح المعلِّقون عشرات الأفلام التسجيلية، تقدم ذات المشاهد، بأصوات مذيعين، يتحدثون، بجمل وعبارات متكررة، عن «دبابات العدو التى هربت من هول الصدام»، وقواتنا التى «لقنت العدو درسا قاسيا، وحققت النصر فى ست ساعات».

 

مع ثورة يناير 2011 بدأت موجة عالية من الأفلام التسجيلية، مشكلتها أنها، حتى الآن، وقعت بين قبضتى البرامج التليفزيونية والمعلِّق.. ربما تجد ميزة ما فى «18 يوم» و«التحرير»، ولكنهما، فى التقييم النهائى الحاسم، لا يشقان طريقا خاصا بهما، فإلى جانب لقاءاتهما مع الثوار، ثمة المشاهد الوثائقية المعهودة، الأقوى والأعمق من اللقاءات.. كذلك الحال، بالنسبة لنتيجة الأفلام المعتمدة على معلِّق، حتى لو كان هذا المعلِّق يحكى تجربته، ذات الطابع الذاتى، أيام مواجهات الدم والنار.. فها هى، على سبيل المثال، المخرجة الطموح، هبة قنديل فى فيلمها «الثورة المصرية» تروى من خارج الصورة، عن مشاعرها وأفكارها. وسريعا يدرك المتلقى مدى بُعد المسافة بين وعيها من ناحية، والشرائط التى بين يديها من ناحية أخرى، فيكفى أن تسمعها تقول، ببراءة تصل إلى حد السذاجة: «كلنا منبهرين بالثورة فى تونس اللى خلتنا نغير ونقول عايزين نعمل كده فى مصر».. يا سلام!.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات