المشهد الشارد - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 9:07 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المشهد الشارد

نشر فى : الأربعاء 27 يوليه 2011 - 9:27 ص | آخر تحديث : الأربعاء 27 يوليه 2011 - 9:27 ص

 فى سابقة غير معهودة، يتمرد مشهد واحد من فيلم روائى، يخرج من الشريط ليظهر، لاحقا، فى الكثير من الأعمال السينمائية والبرامج التليفزيونية، ويوضع فى العديد من كليبات اليوتيوب، وينسى الناس أصله وفصله ويجرى التعامل معه كوثيقة تم تصويرها أثناء حدوثها..

المشهد هو اللحظات الأخيرة للملك فاروق فى مصر، أثناء مغادرته قصر رأس التين بالإسكندرية، مساء يوم السبت 26 يوليو 1952، والمشهد مكون من عدة لقطات: الملك من ظهره، مرتديا الملابس العسكرية البيضاء للقائد الأعلى للقوات البحرية. لقطة ثانية لليخت الواقف داخل مياه البحر. لقطة ثالثة لواجهة القصر الذى بناه محمد على 1834، وأصبح من المقرات الصيفية المفضلة للأسرة العلوية حتى غروبها برحيل الملك.

لقطة لطابورين من حرس الشرف، يؤدون، ببنادقهم، التحية العسكرية. الملك، يسير فى اتجاه الكاميرا، بتؤده وثقة، مقتربا من حافة المرسى حيث ينتظر اللنش الذى سيحمله إلى «المحروسة».

هذا المشهد انتقل إلى عدة أفلام روائية، وأصبح له تواجد دائم فى الأفلام التسجيلية التى تؤرخ للمرحلة، أو تتعرض لشخصيات من ذلك الزمان. ويأتى إما مصحوبا بمارشات أو تعليقات، من خارجه طبعا، وحسب طبيعة الفيلم واتجاهه. وفى معظم الحالات، يؤدى المشهد إلى درجة ما من قوة الإقناع ويعمق الإحساس بالصدق، خاصة أن صوره على الشاشة، تبدو باهتة، بها نقط بيضاء، وسوداء، توحى أنها وثيقة حقيقية لم يتدخل فيها أحد.

ساد الظن أن «خروج الملك» تم تسجيله فى «جريدة مصر» التى كانت تصدر من استوديو مصر، منذ العام 1935، وتضمنت فى أعدادها المتوالية، مئات الأحداث والوقائع المهمة، مع وضع أولوية الاهتمام بأخبار القصر الملكى ورجاله وحكومته، حتى العام 1952.. ثم تنتقل المتابعات لإنجازات رئيس الجمهورية، والوزراء.

إنها جريدة مهمة، وجريدة السلطة فى آن.
فى الدراسة الشائقة، المعمقة، التى كتبها خبيرنا السينمائى إبراهيم الموجى عن «جريدة مصر السينمائية» يصف المشهد المذكور بأنه «لقطة بارعة من حيث التكوين والإضاءة»، ويؤكد، بنزاهته المعهودة، أن «نسبتها إلى الجريدة فيه تزييف للتاريخ وإهدار لحقوق عبدالحليم نصر مصورها».

عبدالحليم نصر «1913 ــ 1989»، من كبار فنانينا، صور «129» فيلما، من بينها «الله معنا» لأحمد بدرخان 1955، الذى كتب قصته إحسان عبدالقدوس، وتدور حول الأسلحة الفاسدة التى كانت من أسباب هزيمة 1948، ومن أسباب ثورة يوليو: عماد حمدى، ينخرط فى الجيش المصرى. هو الفرع الفقير فى أسرة متعددة المستويات. عمه الثرى، محمود المليجى، له ابنة، فاتن حمامة، تبادل عماد حمدى حبا بحب. يصاب فى حرب فلسطين الأولى، تبتر ذراعه. الصحفى الوطنى، شكرى سرحان، يثير قضية الأسلحة الفاسدة.

الضباط الأحرار يجتمعون، فاتن حمامة تقدم الوثائق التى تؤكد تورط والدها فى استيراد الأسلحة الفاسدة. القصر الملكى يتهيأ للقضاء على تنظيم الضباط الأحرار والذين يسارعون بالثورة، وطرد الملك، حيث يتجسد فى ذلك المشهد الذى تمرد، واستقل عن الفيلم، وأصبح أكثر مشاهدة من «الله معنا».

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات