30 دقيقة.. بعد منتصف الليل - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 12:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

30 دقيقة.. بعد منتصف الليل

نشر فى : الأربعاء 27 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 27 فبراير 2013 - 8:00 ص

أثار الفيلم استياء قطاعات واسعة من الناس، وأكثر من مؤسسة: الهنود، كانوا أول الغاضبين، ذلك أن المخرجة، كاترين بيجلو، فضلت تصوير المشاهد التى تدور فى إسلام آباد الباكستانية، داخل مدينة شانديغار الهندية، وبالضرورة، غيرت كلمات لوحات الإعلانات إلى اللغة الأوردية، وتعمدت زخرفة عدة حافلات بألوان زاهية، حسب المزاج الباكستانى، بالإضافة لظهور مئات الكومبارس، رجال ونساء، فى مشاهد السوق، بجلابيب قصيرة وبناطيل طويلة وطواقى بالنسبة للرجال، والحجاب بالنسبة للنساء.. استهجن سكان شانديغار «حضور باكستانى فى الهند»، اندلعت مظاهرات، انتهت بتشغيل أبناء المدينة، ككومبارس، من ناحية، والتعهد بعدم رفع الأعلام الباكستانية من ناحية أخرى.

 

فى باكستان، انزعج كل من شاهد الفيلم، بسبب الثورة الزرية، الباهتة على الأقل، التى ظهر بها الشعب، فقررت الشركات السينمائية الامتناع عن توزيع الفيلم فى دور العرض.. وأبدت الحكومة الباكستانية استنكارها لما يتضمنه الفيلم بشأن إمداد المخابرات الأمريكية بأرقام هواتف بن لادن.

 

 بعيدا عن قارة آسيا، تفجر الجدل داخل واشنطن، وبالتحديد، فى مجلس الشيوخ، حيث ملف التعذيب الذى لم يغلق بعد، سواء داخل المعتقلات الأمريكية، أو خارجها، فيما سمى «المواقع السوداء»، كجزء من عولمة التعذيب، بمشاركة «54 دولة».. طبعا، بلادنا العربية من بينها، وإن لم يذكر الفيلم منها، بإلحاح، إلا الأردن.. سريعا، انبرى كبار المسئولين فى الـ«سى آى ريه» للدفاع عن وكالة المخابرات المركزية، ومهاجمة الفيلم الذى تضمن، فى بدايته، مشاهد تعذيب شديدة القسوة، طوال الربع ساعة. المدافعون، قالوا كلاما مستفزا، من نوع «أساليب الاستجواب اكتفت بالحرمان من النوم والتعرض للبرد وإبقاء المعتقل فى أوضاع مؤلمة والصفع ومحاكاة الغرق»، وبالنسبة للممارسة الأخيرة، قىل «ان محاكاة الغرق كانت تجرى باستخدام وعاء صغير وليس دلوا كما فى الفيلم».. فياللرحمة! عموما، ردت كاترين بيجلو بقولها «الذين انتقدوا الممارسات التى حدثت أثناء الاستجوابات، عليهم توجيهها إلى من وافقوا ومارسوا هذه السياسات وليس إلى الفيلم».

 

أما عن «ثلاثين دقيقة».. فإنه ينتمى لأفلام التحقيق، أو «الريبورتاج»، يتابع، خطوات اصطياد بن لادن، فى أعقاب تدمير برجى التجارة العالمى، عام 2001، حيث يعاد على مسامعنا أصوات ركاب الطائرتين، على نحو مؤثر، وهم يستنجدون بمن ينقذهم.. وبعد فاصل طويل من التعذيب، تحضره «مايا»، بأداء جسيكا شاستين، يدخل الفيلم فى تفاصيل باردة، تبعث على درجات متزايدة من الملل، ليروى، من السطح، ذلك الجهد الكبيرالذى بذلته «مايا»، وريثة الأبطال الهوليووديين، الذين لا يشق لهم غبار، المتمتعين بالفطنة وقوة العزيمة والجلد، وكافة الخصال التى اتسم بها طابور نجوم يبدأ قبل جون واين ويستمر إلى ما بعد سلفستر ستالونى.. فهى، ليس فى حياتها سوى هدف «نبيل» واحد: الإيقاع بأسامة، حيا أو ميتا.. لكن الفيلم يتحاشى الاقتراب من القضية سياسيا، وفى ذات الوقت، يسير وفق منطق بوليسى، كما لو أن تعقب الرجل ليس أكثر من بحث عن مجرم هارب، فإذا استبدلت بن لادن، فى الفيلم، بتاجر مخدرات، أو قاتل، أو زعيم مافيا، لما تغير شىء، فهنا، عن عمد، يتم تسطيح جوانب الحكاية، وإغفال مقدماتها وتداعياتها ونتائجها، فإذا كان بن لادن لا يظهر طوال العمل الذى لا يشير من قريب أو بعيد، لدور العم سام فى اختراع ودعم تنظيم القاعدة، فإن أحدا لا يمكنه إغفال ما ينطوى عليه الفيلم من مراوغة ترمى لإبراء الولايات المتحدة من علاقتها بالرجل الذى انقلب عليها.

 

مع كاتب السيناريو، مارك بول، قدمت كاترين بيجلو «خزانة الألم» الفائز بالعديد من الجوائز الدولية، ولكنه، وهو يدور فى العراق، لا يلتفت للشعب العربى هناك، فى الوقت الذى يتابع، بقلب واجف، بطولة جنود أمريكيين.. وهنا، مرة أخرى، يطالعنا الشعب الباكستانى، هائما فى الأسواق، أو يقترب مترددا، من بيت بن لادن، أثناء الغارة الوحشية التى أودت بحياة أطفال ونساء، وسرعان ما تتشتت جموعهم، بأمر حاسم من أحد ضباط العم سام.. إنه فيلم مراوغ، لا يستحق كل هذه البروبجندا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات