فيلم إماراتى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 10:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فيلم إماراتى

نشر فى : السبت 26 ديسمبر 2009 - 11:14 ص | آخر تحديث : السبت 26 ديسمبر 2009 - 11:14 ص

 
انفتحت أبواب الرزق أمام صديقى الذى هاجر إلى أمريكا منذ أربعة عقود. عمل مترجما لحساب دول الخليج، خاصة الإمارات، فى هيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها ولجانها، ودار الزمن دورة، وثانية، وثالثة.

وفجأة، وجد نفسه، بعد طول خبرة، يعانى مما يشبه البطالة، ولما سألته عن السبب، أجابنى بأنه لم ينتبه إلى ما فعلته هذه الدول. راهنت على قدرات أبنائها. أرسلتهم ليتعلموا فى أفضل جامعات أوروبا وأمريكا، وبعد انتهاء دراساتهم، وإجادتهم للغات، فضلا عن مهارات أخرى، ثم إحلالهم مكان صديقى الذى غدا حائرا بين العودة للمجهول أو البقاء بلا أمل.

ما فعلته الإمارات فى مجال الترجمة، وغيرها، تمارسه فى مجال السينما، ترسل بأبنائها ليستوعبوا أسرارها فى المعاهد والكليات المرموقة، وتحضر لهم الأساتذة والمخرجين والنقاد، وتقيم لهم دورات تدريبية، تنظم لهم مسابقات، تقدم لهم منحا سخية من أجل تحقيق أعمالهم الأولى. وما توالى المهرجانات السينمائية إلا جزءا من استراتيجية امتصاص خبرات العالم.

ثمار هذه السياسة بدأت تتوالى: «دار الحى»، فيلم روائى طويل من إخراج شاب اسمه على مصطفى، ولد عام 1981، يوصف بأنه ابن مهرجان دبى السينمائى، منذ شارك فى دورته عام 2007 بفيلم قصير عنوانه «تحت الشمس»، نال عنه جائزة ثمينة، وحصل على درجة ماجستير من «مدرسة لندن السينمائية»، والواضح أنه لا يجيد سرد الحكايات وحسب، بل يعرف كيف ينظر للأمور على نحو ينفذ إلى العمق.

«دار الحى» هو الاسم الذى يطلق على دبى، المدينة التى يتحدث عنها، وهو يفاجئنا بأنه لا يتغنى بها، ولا ينغمس فى تصوير بناياتها الشاهقة وشوارعها النظيفة ولمعان واجهاتها، ولكن يقدم ثلاث حكايات عن أحلام سكانها الأقرب للسراب، والتى لا تتحقق أبدا.

وكما فى الواقع، يرصد الفيلم ذلك الخليط البشرى الوافد من بقاع الأرض: ثمة سائق التاكسى الهندى الذى يعمل لساعات طويلة ليحقق لنفسه أمنا لا يجىء.

ولأنه يشبه الممثل الهندى «بيتر باتيل» يغنى، بصوت متواضع، فى أحد النوادى ليلا، ويكاد ينام وهو يقود سيارته نهارا. وهناك المضيفة الرومانية الرقيقة، التى يخفق قلبها بحب مدير دعاية بريطانى. وبجرأة، يقدم الشاب الإماراتى العابث، الذى ولد وفى فمه ملعقة ذهب، ولا يعرف شيئا عن عناء آبائه وأجداده، لا يعير التفاتا لوالده الغاضب، يدخل مع صديقه الفاسد سلسلة من مغامرات تافهة.. هذا «الموزاييك» البشرى ينتهى، على المستوى الفردى، نهاية فاجعة.

المضيفة وقد حملت من البريطانى «الوغد» الذى يتنكر لها، تركب مع سائق التاكسى، الهندى، الذى يغلبه النعاس فيصطدم بسيارة، وجهه الجميل يتشوه ولا يعود يشبه «بيتر باتل». الصديق الفاسد يلقى مصرعه فى مشاجرة عشوائية عابرة، وبينما المضيفة ضائعة يسقط «فيصل» فى قبضة الحزن.. بعيدا عن المآخذ التى من الممكن أن تؤخذ على الفيلم، إلا أن «دار الحى» يفتح أبواب السينما أمام جيل من أبناء الإمارات.






كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات