السينما الثالثة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 9:06 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السينما الثالثة

نشر فى : الأحد 25 نوفمبر 2012 - 8:35 ص | آخر تحديث : الأحد 25 نوفمبر 2012 - 8:35 ص

كأن الكتاب الصادر حديثا، من المجلس الأعلى للثقافة، مكتوب بعد الثورة، لكنى أؤكد أن كاتبته، مخرجتنا التسجيلية الكبيرة، عطيات الأبنودى، انتهت من صياغته، قبل الثورة، بعدة شهور، ذلك أنى تابعت، بحكم الصداقة الحلوة، البناءة، معها، بحثها الدءوب، المرهق، الممتع، عن مادته الغزيرة، شديدة الثراء، طوال أكثر من عامين.. وكان من حسن حظى، أن أكتب مقدمة متواضعة لهذا العمل الضخم، الذى يتحدث عن التاريخ، وهو يرنو، للمستقبل، فالكاتبة تتابع، بيقظة، الموجات الثورية، فى عالم الأطياف، وهى تدرك أن لا شىء يأتى من العدم، ولا شىء يضيع فى الفراغ، فالأحداث الكبرى فى التاريخ، لابد أن يسبقها، ويصاحبها، ويعقبها، تغيرات ذات شأن، فى توجهات الإبداع السينمائى.

 

رحلة القارئ مع الكتاب، تستغرق «450» صفحة من القطع الكبير، تنطلق من السينما الأولى، الهوليوودية ذات الميزانيات الضخمة، والديكورات والأزياء الفاخرة، والنجوم اللامعين، لتنتقل إلى السينما الثانية، التى تحررت، عقب الحرب العالمية الثانية، من أسوار الاستوديوهات، لتخرج إلى الشوارع، بكاميرات الإيطالى دى سيكا، وآخرين، تمتد إلى جان لوك جودار، لتصل إى ساتيجت راى فى الهند وأندريه فايدا فى بولندا، وعثمان سيمبان فى السنغال.. ولا يفوت عرابة الراحلة، أن تشير إلى قيام السينما الأولى باستدراج بعض من الأكثر موهبة، من فرسان السينما الثانية، للعمل فى رحابها.

 

قلب الكتاب، وأجزاؤه الأكثر إشراقا، وامتاعا، تأتى مع الحديث عما أفرزته ثورات الشباب، فى الستينيات، خاصة عام 1968، فى العديد من عواصم العالم، ومن بينها باريس والقاهرة، وتتابع عشرات الأفلام، المناهضة لقوى الهيمنة، بحروبها ومؤامراتها، ضد فيتنام وكوبا ومصر وشيلى.. ومن جماع هذه الأفلام، تبلور بيان «نحو سينما ثالثة» الذى كتبه المخرجان فيرناندو سولانس وأكتافيوخيتينو، والبيان يعد نقلة لها شأنها فى الفكر السينمائى، وقامت عطيات بترجمته، كاملا، وهو يستحق القراءة أكثر من مرة.. ولعل من الإنصاف القول إن الكاتبة، يترقرق قلمها، حين تتحدث عن الأفلام التى تعشقها، فتنقل قبسا من محبتها للقارئ، فهى، تتلمسها برقة وإعزاز، كما لو أنها كانت تتمنى، فى جانب من قلبها، أن تحقق هذه الأفلام.

 

تدرك عطيات أن السينما هى الفن الوحيد الذى يرتبط بالصناعة، لذا فإنها تتابعه بشغف، إنجازاتها الفنية المبنية على تطورات أدواتها، بدءا من آلة التصوير الكبيرة التى تدار باليد، إلى الكاميرات 35م، و16م، وهى التى صورت بها فيلمها البديع «حصان الطين» وكاميرات التليفزيون، حتى كاميرات المحمول التى تتحسن وتزداد إمكاناتها على نحو بالغ السرعة، الأمر الذى يفتح بابا واسعا أمام الجميع، لصنع أفلام لا تخطر على بال، مما جعل لأفلام الموبايل حضورا فى العديد من المهرجانات التى خصصت لها، وباتت تعرض على الشاشة الصغيرة، وشبكات الإنترنت.. فى الصفحات الأخيرة، تنبض السطور بالأمل والثقة، فالكاميرات التى غدت فى يد كل إنسان، ستفتح آفاقا أمام انتعاش كل الأنواع والاتجاهات السينمائية المعروفة، مثل السينما الأولى والثانية والثالثة، والروائية، والوثائقية، وربما لأنواع واتجاهات فى عالم الغيب.. إنه كتاب ممتع ومفيد، جدير بالقراءة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات