الزوجة الرابعة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 1:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الزوجة الرابعة

نشر فى : السبت 25 أغسطس 2012 - 9:00 ص | آخر تحديث : السبت 25 أغسطس 2012 - 9:00 ص

تابعت، باستمتاع، حلقات هذا المسلسل الكوميدى، القائم على اتفاق غير مكتوب، بينه والمتفرج، مؤداه أن ما سيراه، لا يخضع للمنطق الصارم، فالكوميديا، خاصة حين تعالج قضايا السلوك والأخلاق، قد لا تخلو من مغالاة محسوبة، بهدف السخرية والإضحاك، مع قدر غير قليل من النقد، المبنى على رؤية إنسانية، بناءة، يصوغها كاتب يعرف أصول فنه، أحمد عبدالفتاح، مع نخبة متناغمة من الفنانين، بقيادة المخرج السينمائى أصلا، مجدى الهوارى.

 

يتعرض المسلسل لمسألة تعدد الزوجات والتظاهر بالورع، مما دفع البعض إلى اتهام «الزوجة الرابعة» بالاقتباس من «الحاج متولى» الذى كتبه مصطفى محرم وأخرجه محمد النقلى، وربما جاء فى العمل الجديد ما يتشابه مع العمل السابق، لكن الأدق القول أن القضية المثارة فى «الزوجةالرابعة» قديمة وجديدة فى آن.. ناقشها المسرح المصرى منذ ما يقرب من القرن ونصف القرن: يعقوب صنوع، عرض «الضرتان» عام 1870، الى تتخذ موقفا نقديا من تعدد الزوجات، مما أزعج الخديو إسماعيل، المتعدد الزوجات، الذى قال لصنوع «إذا كانت قواك لا تحتمل إرضاء أكثر من امرأة فلا تجبر الغير أن يكون مثلك.. إن هذه الرؤية خروج على الإسلام الذى أباح أربع زوجات».. بعد ثلاثة أعوام، قدم محمد عثمان جلال «الشيخ متلوف»، المأخوذة عن «تارتوف» للكاتب الفرنسى موليير، التى يهاجم فيها رجل دين فاسد، منافق، ينغمس سرا فيما يهاجمه علنا، تحركه شهواته الغرائزية، الدنيوية، وهو يتظاهر بالتقوى. وطبعا، منعت الكنيسة عرض المسرحية لعدة سنوات.

 

الحاج فواز الصياد، بأداء خاص من مصطفى شعبان، ليس رجل دين، لكنه تاجر، يرتدى الجلباب الأبيض، لا يترك المسبحة، يستخدم المسواك، يزعم تطبيق شرع الله، لا يصافح النساء.. فى ذات الوقت، يتعامل مع زوجاته الثلاث كجوارى والرابعة، متغيرة، يتعمد منعها من الإنجاب، كى يتمكن من طلاقها بسهولة. مصطفى شعبان، بوجهه الصبوح، والشقاوة التى تطل من عينيه، يدخل فى هذه الشخصية من بابين، أحدهما يبدو معه مقنعا تماما بأن ما يفعله هو الصواب والحلال، والآخر يعطى إحساسا بأنه مجرد نصاب، يعلم أنه شديد الأنانية، يدعم نزواته بقوته الاقتصادية. تظهر إزدواجيته الأخلاقية حين يثور ضد زوج شقيقته لأنه تزوج مرة ثانية.. كاتب السيناريو، رسم شخصيات الزوجات على نحو مرفق، ذلك أنه جعل لكل منهن ملامح تختلف تماما عن الأخرى، وبمهارة، أكدت الممثلات هذه الأبعاد.. كلهن مقهورات، برغم الحياة الناعمة التى تعشن فيها، يشتركن فى إحساسهن بالتعاسة، مما يجعل إحداهن تغادر «الفيللا» بلا تردد، والثانية تنغمس فى شرب الخمر ــ والعياذ بالله ــ والثالثة تذرف الدموع.. إنهن فى مأساة تتخذ شكل الكوميديا.. وحتى حين يندفع فى ضربهن بالعصا، كل واحدة على حدة، يسعى مجدى الهوارى، إلى تنفيذ تلك المشاهد بطريقة مثيرة للضحك، ونجح فى مسعاه.

 

لكى تصبح «الزوجة الرابعة» ثلاثين حلقة، أدخل السيناريست العديد من الخطوط الفرعية، مثل المؤامرات التى يحيكها أقارب فواز الصياد، وأضاف مشاهد تدخل فى باب «الفارص» مثل نوبات ضرب الزوجة البدينة لزوجها، وهو أحد رجال المزواج.. لكن يبقى العمل فى النهاية، لطيفا، خفيفا، مرحا، برغم قضيته المتجهمة.

 

 

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات