البنت الثالثة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 6:36 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البنت الثالثة

نشر فى : الأربعاء 25 أغسطس 2010 - 11:04 ص | آخر تحديث : الأربعاء 25 أغسطس 2010 - 11:04 ص

واضح أن كاتبة هذا العمل الجميل، غادة عبدالعال، قادمة من قلب الطبقة الوسطى التى يظن البعض أنها ذابت إما فى شرائح عليا أو تدهور بها الحال لتقبع أسفل السلم الاجتماعى. هنا، فى «عايزة أتجوز» تثبت حضورها كما ارتفع صوتها من قبل فى فيلم «بنتين من مصر»، الأمر الذى يؤكد أن الفن أصدق أنباء من التحليلات النظرية.

بطلة المسلسل «علا»، نالت تعليما جامعيا وتعمل فى مؤسسة حكومية مع زميلات، صيدليات مثلها، تؤدى دورها، بشفافية وإشراق، هندى صبرى، المؤتلفة تماما مع الشخصية، سواء فى ملابسها البسيطة، أو مكياجها الخفيف، وأحيانا بدون مكياج، شأنها فى هذا شأن غيرها من الموظفات. تركب «الميكروباص» وتتزاحم وتكاد تتشاجر..

إنها موهوبة وعفوية، انفعالاتها ترتسم وتنساب على ملامح وجهها بليونة، تعيش وسط أسرتها المصرية تماما، فى شقة ذات أثاث يعبر عن وضعها الاقتصادى بدقة، وفى ذات الوقت يلخص تاريخ عناء الأب، أحمد فؤاد سليم، الذى تمكن من تعليم ابنته وابنه، طارق الإبيارى، ولم يتمكن أو يهتم بتجديد الأثاث، ذلك أن التعليم، بالنسبة للطبقة الوسطى، قيمة رفيعة وهدف لا يمكن التراخى فى تحقيقه، وهو بوابة الدخول إلى الوظيفة.

اختارت غادة عبدالعال أن تكون حلقات مسلسلها من نوع «المنفصل المتصل»، وهو النوع الذى يتوافق تماما مع قضيتها المتعلقة بالرغبة الإنسانية المشروعة فى الزواج.. وفى كل حلقة يتقدم عريس لبطلتنا، ولسبب أو لآخر، لا يكلل المشروع بالنجاح، وما إن يفشل مشروع حتى يأتى الأمل فى مشروع جديد، لذا فإن المسلسل لا يقع فى قبضة اليأس، خاصة أن «علا»، الغاضبة، بحيوية روحها، قد تنزعج، وربما تحزن، لكنها لا تستسلم للتعاسة.

وإذا كانت الكاتبة اتجهت للكوميديا الراقية، القائمة على المواقف ونقد السلوك، فإن المخرج، رامى إمام، تحرر من الصرامة، وجعل بطلتنا، أحيانا، توجه حديثها للكاميرا، ولنا، مباشرة، واستعان بأسلوب الكاريكاتير فى رسم بعض الشخصيات والمواقف والأفعال وردودها، مما أدى إلى المزيد من الحيوية، وجنَّبه غضب بعض ذوى الياقات البيضاء أو أصحاب المهن الحساسة، مثل ضابط الشرطة الذى قام بدوره أحمد السقا، على نحو شديد التميز، فى واحدة من ألطف حلقات المسلسل.

إنه يكاد يقتحم شقة العروس، يتلفت، بحكم المهنة، ليرصد مداخل ومخارج الشقة، وحين تذهب معه إلى قسم الشرطة، ترعبها طريقة تعامله مع الخارجين عن القانون، وتأتى القاصمة عندما تعلم أنه أرسل بمخبر آداب لعملها، ومخبر مخدرات إلى حيث والدها، ومخبر تموين نحو والدتها، لتجميع معلومات عنهم جميعا.

إنه يتصرف بعفوية، ولا يكاد يدرك وقع تصرفاته على ابنة الأسرة المتوسطة، التى ترنو إلى تكوين أسرة تعيش فى أمان، كما عاشت فى أسرتها الطيبة، بما فى ذلك «النقار» المتجدد، مع والدتها سوسن بدر.. إنه مسلسل مترع بالبهجة برغم قضيته المربكة، وبطلته هى الثالثة بعد «بنتين من مصر».

 

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات