الأيقونات - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 4:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأيقونات

نشر فى : الأربعاء 25 يناير 2012 - 9:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 25 يناير 2012 - 9:30 ص

خلال عام الثورة، تفجرت ينابيع الإبداع المصرى، على نحو غير مسبوق، حاملة معها مصادر جديدة، تصب فى نهر الثقافة المصرية. ولأن الأغانى عادة، هى الأسرع فى التعبير عن العواطف، لذا فإن المتابع يرصد، بمزيد من الإعجاب، عشرات الأغانى المبتكرة، كلمات وألحان وأداء، تتحرر من القوالب الجاهزة، وتشق طريقا خاصا بها، مدعوما بعناصر بصرية قوية التأثير، عميقة المعانى، أفرزتها بسخاء، أيام الدم والنار، إبان المواجهات العاصفة، بين الثوار ومخالب السلطة.

 

صورة المغنى اختفت، وربما اسم الكاتب والملحن، وبدلا منهما، سطعت «الأيقونات» التى تجلّت منذ 25 يناير 2011.. و«الأيقونات» ليست مجرد صورة فوتوغرافية أو زيتية، تُعْجب أو حتى تهيم بها، ولكن هى طاقة إيحاء عظيمة الشأن، تختصر جزءا من التاريخ. تعبر عن موقف شديد الوضوح، والأهم. أنها تخاطب الضمائر. فعلى سبيل المثال، ثمة صورة خالد سعيد، شهيد الثورة قبل اندلاع الثورة، يطالعنا، فى عشرات الصور المتباينة المعانى: وجهه الجميل مكتسيا بالعزيمة، جسمه يمتد على خارطة البلاد، يضع كفه بالقرب من فمه وهو يهتف «انهضى يا مصر»، وتأتى كلمات الأغنية، وكأنها تستجيب وترد عليه «أهى قامت مصر بتقلع توب الذل».. وبينما تظهر صورته الفوتوغرافية المتداولة، بملامحه الطيبة البريئة، فى أغنية «اصرخ بقى» و«ثورة الغضب»، فإن «راب» «أنا مش آسف يا ريس» تستعين بلوحة كاريكاتير يظهر فيه كعملاق يمسك بأصبعه حسنى مبارك، رافعا إياه من ياقة جاكته.. خالد سعيد، من «أيقونات» الثورة التى تشمل فيما تشمل أسدى قصر النيل: فى «نازلين 25 يناير الجاى» أحد الأسدين يقفز من قاعدته عند الكوبرى، نحو ميدان التحرير.

 

منظر الجموع فى ميدان التحرير، الفريد من نوعه، سيظل خالدا فى التاريخ، يثبت جدارة الشعب المصرى بالحرية والعدالة، يبعث على الثقة، يؤكد، فى «خلّى بالك يا طنطاوى»، إمكانية تكرار هذا المشهد، فالجماهير التى فعلتها مرة، من الممكن أن تحققها مرة ثانية، وهو المعنى الذى يتردد فى أغنية «ذهب سيادته وطلبوا شهادته» المهداة للمشير، المعتمدة على لحن «ذهب الليل طلع الفجر» لمحمد فوزى.. الصورة، الأيقونة، هنا، تأتى حين يقول القاضى للمشير محذرا «يا عم الشعب ده قادر ولا هايسيب حقه وهايطلع أقوى من الأول ولا يرضى هزيمته»، ولعل استخدام الصورة على هذا النحو يستكمل اليقين بالانتصار.

 

أحد أسدى قصر النيل، يظهر فى عدة أغان وقد وضع ضمادة على عينه، وهى إيماءة واضحة لجريمة استهداف عيون الثوار.. ثم، فى أغنيات أخرى، تتألق صورة الشاب الوطنى النبيل، أحمد حرارة، وقد وضع ضمادتين على عينيه الاثنتين، مكتوبا على إحداها «28 يناير»، وعلى الثانية «19 نوفمبر».. تاريخ الإصابتين، تعبران بجلاء عن نظام وحشى لا يزال معربدا، وعن روح الفداء العظيمة، التى تنبض فى عقول وقلوب أبناء الشعب.. هذه الأيقونات، وغيرها، منحت الإبداع الغنائى الجديد، مذاق الثورة المنعش.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات