الفائزون - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 6:02 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفائزون

نشر فى : الأربعاء 24 ديسمبر 2014 - 8:35 ص | آخر تحديث : الأربعاء 24 ديسمبر 2014 - 8:35 ص

أحيانا، يتسلل الملل إلى أعضاء لجنة التحكيم، خاصة عندما تتوالى، على الشاشة، عروض أعمال متواضعة، تحمل معها طاقة نعاس، تجبر المتابعين على التثاؤب، لكن فجأة، يأتى فيلم جميل، يوقظ العقل والمشاعر، يثير الانتباه، يجعل للتحكيم متعة تذهب بالنكد الذى سببته الأفلام الأخرى.. وهذا ما حدث فى مسابقة الأفلام التسجيلية والتحريك والروائية القصيرة، منذ أسابيع قليلة.. الفائزون، لم نسمع عنهم من قبل. معظمهم من شباب جدد، الأمر الذى ينعش الآمال فى أجيال تطرق، بثبات، أبواب الفن الرفيع، والمستقبل.

أفلام التحريك، أو الكارتون، لا تريد مغادرة البدايات البدائية، شكلا وموضوعا: الرسوم تفتقر إلى الخصوصية، الأطفال تتطابق ملامحهم وأحجامهم. حركة السير أقرب للانزلاق فى الهواء، فالأقدام لا تلمس الأرض، الألوان فاقعة، لا تتناعم، والأصوات أقرب للسرسعة، والنزعة التعليمية عالية النبرة، بالتأكيد، لا تجذب الأطفال، والكبار فى غنى عنها.. وسط هذه الأعمال، تشاهد، على الشاشة، خطوطا باللون الأسود، لينة وبسيطة ومختزلة، ترسم شابة جميلة، مفعمة النشاط، تتحرك فى اتجاه تمساح صغير، تكاد تربت على ظهره، ثم يظهر فهد، يسير مبتهجا، الشابة تبدو معجبة به.. وهكذا، مع كائنات أخرى.. إلى أن تباغتنا المخرجة الموهبة، الرسامة، بلحظة تنوير لا تخطر على بال: الشابة الجميلة، الرقيقة، تضع جلد الفهد على كتفيها، وتتحلى بإكسسوارات منتزعة من الكائنات، وتمسك بحقيبة أنيقة من جلد التمساح، والحقيبة تشبه الرأس التى ربتت عليها.. سارة نبيل محمد حافظ، فى «أصدقاء حتى الموت»، تعبر ببلاغة، عن رفضها النبيل لقتل الكائنات، لذلك استحقت، عن جدارة، جائزة أفضل فيلم فى مجال الرسوم المتحركة.

أثار «ليبيدو» ليوسف الإمام مناقشة طويلة، حادة، تهيمن عليها روح الاحترام، بين أعضاء لجنة التحكيم. الفيلم، مدرج فى قائمة الأفلام التسجيلية، ذلك انه يتضمن معلومات موثقة، وإحصائيات، وصورا فوتوغرافية، تدور، بصدق وجرأة، حول قضية الجنس، المتستر عليها، بما يشوبها من رياء وسرية، وممارسات فردية، بنين وبنات، وانغماس فى مشاهدة شرائط «البرنو».. لكن، يظهر فى الفيلم «يوسف الإمام» نفسه، وصديق له، يتسمان بخفة الظل، يؤديان مقاطع تمثيلية ساخرة، فعلى سبيل المثال، حيث يقول أحدهما إن الثقافة من الممكن أن تلاشى الرغبة الجنسية، يلقى أحدهما بمراجع ثقيلة على رأس الآخر.. «ليبيدو» يجمع بين التسجيلى والروائى.. وهى مسألة كانت ستزعج عمنا الكبير ــ صلاح التهامى ــ رحمه الله، وكانت ستجعله يطرد الفيلم من التسجيلية شر طردة.. «ليبيدو»، فيلم يتسم بالابتكار، ممتع المشاهدة، لذا فاز بجائزة أفضل فيلم «تسجيلى» أقل من «15» ق، وفيما يبدو أن عالم السينما، مستقبلا، من الممكن أن يمزج بين الروائى والتحريك والتسجيلى.

جائزتان، لكل مجال فى المسابقة، جائزة لأفضل عمل، وجائزة لجنة التحكيم.. الأخيرة، فى مجال الأفلام التسجيلية القصيرة، ذهبت إلى آيات على طه، عن «معركة إسماعيلية»، الأقرب إلى التحقيق التوثيقى، جاء بروح وطنية دقيقة وصلبة فى آن، تتذكر يوم كرامة وكبرياء ضباط وجنود واجهوا، بلا تردد، الاستشهاد دفاعا عن مبنى المحافظة، ورفضا لتسليم أسلحتهم للقوات البريطانية. انتهت المعركة بخمسين شهيدا مصريا، وثمانين جريحا.. آيات على طه، خلال الصور الفوتوغرافية التى التقطها مصور من المدينة ــ أيامها ــ وها هو ابنه، يحكى عنه وعنها.. فضلا عن لقاء صناع الفيلم بمن لايزال على قيد الحياة، من المشاركين فى الملحمة، يسردون ما جرى، بذاكرة لا تفوتها التفاصيل.. انه فيلم وطنى وحميم.

بعيدا عن أفلام فائزة، تم الحديث عنها من قبل، تجدر الإشارة، بإعجاب وأمل، نحو نفحة الحداثة المفاجئة، اللافتة، فى «ألبان وادى النيل» لمحمد الحديدى، الذى يتحمل، ويحتمل، أكثر من تفسير. هنا، الوقائع الصغيرة، الفتاة التى تقرر ترك حبيبها بلا ندم، عملها فى توزيع الألبان، شكل شوارع الاسكندرية ليلا، الألوان، الوجوه، الموسيقى المصاحبة، كلها أمور تتضافر لتقدم أتيريا، أقرب للحليم، من قلبه يظل فى الذاكرة كلمات فتاة عاملة، تقود «تروسيكل»، سعيدة بجنيهات قليلة تؤوب بها عقب طوافها فى مقاهى ومحلات المدينة، لتوزيع ألبان.. وادى النيل.. الفيلم، حصل على جائزة أفضل فيلم روائى قصير.. مبدعو هذه الأفلام، من الأسماء التى لم نسمع عنها من قبل، ولا نعرف أصحابها، مما يؤكد أن موجة من الفن الرفيع، المصرى، تتشكل فى رحم الواقع، ستنطلق حتما، فى السنوات المقبلة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات