سراج منير - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 9:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سراج منير

نشر فى : الأربعاء 24 أغسطس 2011 - 8:12 ص | آخر تحديث : الأربعاء 24 أغسطس 2011 - 8:12 ص
إنه «الكبير» على شاشة السينما المصرية، ظهر منذ بداياتها ليغدو قوة لا يستهان به، جسم عملاق، ملامح وجه غليظة وإن بدت متسقة، صلابة فى الإرادة، شجاعة فى الإقدام، استعداد على النزال حتى الرمق الأخير، ينبوع من الحنان وقسوة لا يحدها حدود.

هو الطرف الحاضر بعمق فى الأفلام التى يظهر فيها، يمنحها ثقلا وطاقة، فالكاميرا لا يمكن أن تتجاهله، خاصة أنه، غالبا، الطرف المثير والمؤجج للصراعات، فضلا عن خبرته ودرايته بأصول فن التمثيل التى التقطها من مدرسة السينما الألمانية، فى عصرها الذهبى، إبان سنوات بعثته إلى برلين لدراسة الطب التى هجرها ليتابع النشاطات المسرحية ويعمل ضمن المجاميع فى الأفلام الألمانية ويلتقى بشباب المصريين هناك، مثل فتوح نشاطى، الممثل والمخرج المسرحى لاحقا. ومحمد كريم، أحد كبار رواد السينما المصرية، الذى أسند له دورا أساسيا فى «زينب» الصامت 1930.

تبلورت شخصية سراج منير على الشاشة، شيئا فشيئا، إلى أن اكتملت على يد صلاح أبوسيف الذى قدمه فى دور الفارس العربى، الشاعر، العاشق، عنترة، فى «عنتر وعبلة» 1947، حيث جسد بنجاح، قوة العزيمة، ورقة المحبين، وأشاد به نقاد تلك الأيام، ومنهم أنور أحمد، الذى قام، لاحقا، بدور «مصطفى كامل» لأحمد بدرخان 1953، فكتب فى مجلة المصور إن سراج منير ظهر فى «لقطات ممتازة أجاد فيها التعبير بوجهه وأبدع فى إلقائه».. وبعد عدة شهور من «عنتر وعبلة» يقوم ببطولة «أبوزيد الهلالى» لعزالدين ذو الفقار 1947.

شارك سراج منير فى أكثر من «110» أفلام، ظهر فى معظمها كرجل شديد المراس، فإذا كان ضابط شرطة، كما فى «البؤساء» لكمال سليم 1943، فإنه يطارد المجرم الهارب حتى يوقع به.. وهو صاحب الرتبة الرفيعة فى الجيش المصرى الذى يختار بعناية، ونظرة وطنية صائبة، ضباط الجيش الجدد فى «الله معنا» لأحمد بدرخان 1955. ويصل إلى درجة رفيعة من الإبداع فى أدائه المتميز، الخاص، فى «أمير الانتقام» لبركات 1950، حيث يؤدى دور رئيس الشرطة الفاسد ــ وزير الداخلية بلغتنا الآن ــ يحيك المؤامرات، يتلصص، يظلم الأبرياء، وعندما يسأل حسن الهلالى أنور وجدى عما إذا كان من الممكن أن يهرب أحد المجرمين من البلد الذى أتى منه، يجيبه الهلالى بجملة ذات مغزى عميق «واحد فقط، هو رئيس الشرطة»..

وفى معركة النهاية، بالسيوف، يقاتل قتالا بالغ العنف، مؤكدا أن للأشرار قوة لا يستهان بها. وهى القوة التى تجلت فى «قطار الليل» لعزالدين ذوالفقار 1953، داخل قمرة سفينة ضد أبوالعز «استيفان روستى»، فكانت أقرب إلى المواجهة الوحشية بين فيل ونمر. يتمكن فيها النمر «استيفان روستى» من توجيه طعنة خنجر قاتلة للفيل الهائج «سراج منير» الذى تلتمع عيناه بمزيج من الألم والدهشة والحقد مع مس من الجنون. أكاد أقول إنها من أعنف المعارك، على شاشة السينما المصرية.

أدرك صناع الأفلام ما تحمله شخصية سراج منير العاصفة من طاقة كوميدية، خاصة حين يتعرض الرجل المهيب إلى ما يهز غروره، فها هو لبلب ــ محمود شكوكو ــ يصفعه سبع صفعات ويجبره على مغادرة الحارة فى «شمشون ولبلب» لسيف الدين شوكت 1952.. أما حلمى رفلة فإنه أخرج أحد الاسكتشات الفريدة، شارك فيه مجموعة كبيرة من الممثلين: محمد توفيق، صلاح منصور، نور الدمرداش، إسماعيل ياسين، وسراج منير، حيث جميعهم فى مستشفى الأمراض العقلية، وذلك فى «المليونير» 1950.. هنا، يهل علينا سراج منير، بضخامته، مرتديا زيا بدويا فاخرا، محترما، رزينا، وبينما يتعامل معه الجميع بإجلال، على أنه عنترة، يفاجئنا بأنه يغنى، بصوت المنولوجست سعاد مكاوى: فتح يا بنى فتح.. شوف مين بيكلمك!

سراج منير «1901 ــ 1957»، صفحة مشرقة فى تاريخ السينما المصرية، تستحق الدراسة، وهو يستحق أن نتذكره، فى عيد ميلاده العاشر بعد المائة.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات