ابتسامتان غامضتان - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 7:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ابتسامتان غامضتان

نشر فى : الجمعة 24 أبريل 2009 - 6:30 م | آخر تحديث : الجمعة 24 أبريل 2009 - 6:30 م

 
الابتسامة الأولى لقرصان صومالى أسير، فى السادسة عشرة من عمره، شكله يحطم صورة القرصان فى خيالنا، تلك التى صنعتها الأفلام الروائية.. رجل ضخم الجثة، عارى الصدر، مفتول العضلات، نابت شعر اللحية.

يضع عصابة سوداء فوق عينه المفقوءة، لا يعرف الرحمة، يتجرع الخمر من زجاجة بالغة الصخامة، يسيل سائلها من جانبى فمه الواسع وحين ينزل الزجاجة يمسح فمه بكم جاكتته وقد يضحك منتشيا فتظهر أسنانه القذرة.

بعيدا عن هذا المشهد المتكرر فى عالم الأطياف، يأتى المشهد الوثائقى السريع، مع خبر تناقلته قنوات التليفزيون يقول: «ترحيل قرصان صومال لمحاكمته فى الولايات المتحدة». فى الصورة تطالعنا مجموعة من جنود أمريكيين أجلاف.

مدججين بالسلاح، آثار الصحة الجيدة وحسن التغذية تبدو واضحة على وجوههم، ووسطهم يسير قرصان وحيد، ضئيل الحجم، نحيف، قصير القامة، يرتدى ملابس متنافرة.

سويتر جديد وبنطال مهترئ، وجهه المنطفئ يؤكد سوء التغذية، ذراعه الأيسر ملفوف بالشاش، وفجأة، من دون سبب واضح، يضيئ وجه القرصان الغلبان بابتسامة عريضة تكشف عن أسنان ناصعة البياض. لماذا ابتسم، هل أدرك ما ينطوى عليه المشهد من مسخرة؟

أما الابتسامة الثانية المحيرة، فتأتى هذه المرة من رئيس مشاغب لدولة مارقة ــ حسب رؤية الغرب ــ محمود أحمدى نجاد، رئيس إيران، أثناء إلقاء خطابه فى مؤتمر ديربان لمكافحة العنصرية فى جنيف، فما أن شرع فى نزع القناع عن وجه إسرائيل الشرس.

حتى أخذت طوابير المعترضين تتدفق إلى الخارج، ومن الشرفة العلوية انطلقت صيحات الاستنكار من فتيات جميلات، متوحشات، وفى الممر، أمام المنصة، أمسكت الشرطة بشاب غاضب، هائج وتافه، يضع قبعة بألوان فاقعة على رأسه..

فى هذه الأجواء شديدة التوتر، يباغت نجاد الجميع بابتسامة سعادة أقرب للضحكة، ومثل القطار المنطلق، استكمل الرجل خطابه بثقة ورباطة جأش.. لماذا ابتسم، هل كان مغتبطا بنجاح سيناريو رسمه فى ذهنه قبل أن يتحول إلى واقع؟

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات