كلمة حق يراد بها باطل - منى مينا - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 10:36 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كلمة حق يراد بها باطل

نشر فى : السبت 24 مارس 2012 - 9:20 ص | آخر تحديث : السبت 24 مارس 2012 - 9:20 ص

هذا هو باختصار رأيى فى مشروع قانون «الهيئة القومية للتنمية المهنية المستدامة»، الذى ينوى مجلس النقابة طرحه للنقاش فى الجمعية العمومية القادمة للأطباء الجمعة 30 مارس، وهو مشروع قانون مطروح من وزارة الصحة فى عهد د.حاتم الجبلى، انتقدناه بشدة فى هذا العهد، وتخيلنا أن أمره قد انتهى بنهاية عهد السعى لبزنسة الطب والتعليم الطبى، ولكنى فوجئت أن هذا القانون يعود للطرح من جديد بقليل من الرتوش. المشكلة فى هذا النوع من المشاريع أن هناك دائما غطاء لامعا وبراقا يغطى القانون، مثل المطالبة بالتنمية المهنية الدائمة للأطباء.. من منا لا يطالب بالتنمية العلمية والمهنية؟ لكن للأسف نجد التفاصيل تتناقض مع الغطاء الجميل. 

 

مشروع قانون التنمية المهنية المستدامة، وهو باختصار قانون يلزم الطبيب بالاستمرار فى دراسة مستجدات الطب، وهذا فى حد ذاته شئ جميل ومهم وضرورى، المشكلة أنه يعتبر التنمية المهنية مسئولية خاصة للطبيب، تكلفتها، ووقت الدورات، وتكاليف الانتقال والإقامة إذا استدعت الدورة انتقالا وإقامة، كل ذلك يتحمله الطبيب وإلا تعرض للتهبيط من القيد كإخصائى إلى القيد كممارس، بكل ما يترتب على ذلك من منعه فى العمل فى عيادته كإخصائى ومنعه من العمل فى المستشفيات العامة أو الخاصة كإخصائى، ومنعه من السفر كإخصائى، يأتى هذا فى الوقت الذى يضج فيه الأطباء بمطالباتهم بتحسين أوضاعهم المالية، فإذا بنا نجد أن هناك خطة لتحميلهم بالمزيد من الأعباء.

 

التنمية المهنية تطبق فى كل بلدان العالم المحترمة، حيث تتحمل المستشفى ــ حكومى أو خاص ــ تكلفة تدريب الأطباء وأيضا الفنيين والتمريض كجزء من النفقات الضرورية لتقديم خدمة صحية جيدة، باختصار تعتبر تكلفة التنمية المهنية للفريق الطبى، جزءا من مسئوليات جهة العمل أو جزءا من نفقات تشغيل المؤسسة الصحية، وهى أيضا جزء من حق المريض ومن حق الطبيب.. أما عن سؤال «كيف ستتحمل وزارة الصحة بهذا العبء الجديد وهى لا تستطيع تقديم العلاج نفسه للمرضى؟»، فإجابته الواضحة والبسيطة: تستطيع وزارة الصحة ذلك إذا ما أقر مجلس الشعب ميزانية للصحة لا تقل عن 15% من الموازنة العامة للدولة، كما تقضى الاتفاقات الدولية، ومحددات الإنفاق على الصحة فى كل دول العالم.

 

 المشروع القديم كان ينشئ هيئة قومية للإشراف على هذه التنمية، وحديثا طالع مشروع جديد للنقابة يقترح، إنشاء هيئة للتدريب المستمر بالتعاون بين وزارة الصحة والجامعة تحت إشراف النقابة، فكرة إشراف النقابة فى حد ذاتها فكرة جميلة، ولكن تظل المشكلة الأساسية مسكوتا عنها، وهى من سيتحمل تكاليف هذه التنمية المهنية؟ وأى مناقشات أو مقترحات حول التنمية المهنية للأطباء لا تنص بوضوح على أن «تكلفة الدورات ووقت الدورات وتكاليف الانتقال والإقامة هى التزام واضح لجهة عمل الطبيب» أى مناقشة للموضوع دون توضيح هذا النص هى التفاف حول لب المشكلة، وهى كذلك تجاهل لقرار الجمعية العمومية العامة للأطباء فى مارس 2010، التى نصت على ضرورة ربط أى إلزام للطبيب بدورات للتنمية المهنية بإلزام جهة العمل بالتكاليف والوقت اللازم لحضور الدورات، كل ذلك تم توضيحه والتأكيد عليه فى ورشة العمل الخاصة بالتنمية المستدامة، التى عقدتها النقابة يوم الخميس الماضى، ورأينا زملاءنا حضور ورشة العمل من أعضاء النقابات الفرعية يفزعون عند فهم ما هو مستتر تحت الاسم الجميل «هيئة التنمية المهنية»، ولكن للأسف رأينا التعليق المختصر حول الورشة على موقع النقابة يخلو من أى إشارة لهذا الموضوع المهم جدا «من يتحمل تكلفة الدورات».. أيضا الموقع يخلو من نص القانون الذى سيطرح للنقاش فى الجمعية العمومية القادمة، مما يقلقنى أن تنجر الجمعية العمومية لنقاشات عامة فيما لا يختلف عليه من أهمية التنمية العلمية للطبيب، وبالتالى تصدر توصية تطالب بإنشاء هيئة للتنمية المهنية، ويرتكن على هذه التوصية فى تمرير قانون مشوه بهذا الخصوص من مجلس الشعب.

 

 فى النهاية عندى سؤال ونداء، السؤال: هل سيساعدنا مجلس الشعب بإقرار توزيع عادل للميزانية يهتم بالإنفاق على الصحة والتعليم، حتى تستطيع وزارة الصحة أن تنفق على توفير العلاج للمرضى، وتوفير تنمية مهنية حقيقية للفريق الطبى.. أم أن هناك من لا يزال يسعى ليستخدم مجلس الشعب لتمرير قوانين ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب؟ أما النداء فهو لزملائى الأطباء لحضور الجمعية العمومية الجمعة القادمة 10صباحا بقاعة المؤتمرات بقصر العينى، لنطالب معا بحقوق الأطباء، ومنها حق الطبيب فى تنمية مهنية تتحمل تكلفتها جهة العمل.. أو تنمية مهنية حقيقية تكون أداة لتطوير الطبيب وتحسين الخدمة الصحية، وليس أداة للجباية لصالح بزنس الجمعيات العلمية، وللمزيد من طحن الأطباء ودفعهم دفعا للفرار خارج الوطن.

التعليقات