يا ليلة العيد - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 8:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يا ليلة العيد

نشر فى : الأربعاء 23 سبتمبر 2009 - 9:38 ص | آخر تحديث : الأربعاء 23 سبتمبر 2009 - 9:38 ص

 كل امرئ يعيش فى أغنية، وربما تعيش الأغنية داخل وجدانه، تتسلل مقاطع منها، آتية من ذاكرته السمعية، حتى من دون إرادته. وأحيانا، تتجاوز بعض الأغانى حدود الأفراد فتغدو حاضرة فى أفئدة الملايين، تعبر على نحو ما عن عاطفة مشتركة أو أشواق عامة أو ترتبط بمناسبة عزيزة، وبالطبع، لابد أن يتوافر فيها قدر من الجمال يمنحها القدرة على الصمود أمام اختبار الزمن. ولعل «يا ليلة العيد آنستينا وجددتى الأمل فينا» أن تكون من الأغنيات التى تتمتع بطول البقاء. إنها لاتزال محتفظة بحيويتها، وشبابها، برغم مرور سبعة عقود على مولدها.

«يا ليلة العيد»، صدحت بها أم كلثوم فى فيلم «دنانير» لأحمد بدرخان 1940. كتبها أحمد رامى بكلمات رقيقة، مترعة بالفرح والبهجة، ولحنها رياض السنباطى، المستوعب لقدرات صوت أم كلثوم، مترجما ومتسقا ومعمقا لمعانيها. بطلة الفيلم «دنانير»، تغنى أمام عرش هارون الرشيد وقد انتعش قلبها بحب سيدها جعفر البرمكى، فنالت إعجاب ضيوفه، وشعراء ذلك الزمان، أبوالعتاهية وأبونواس، وبدت الأغنية ليست مجرد أغنية بمناسبة العيد، بل تعبيرا عن نشوة الحب.

عقب عرض الفيلم تحفظ بعض النقاد على كلمات الأغنية التى جاءت بالعامية بينما حوار الفيلم باللغة العربية، وتساءل ناقد مجلة الرسالة فى جملة أوردها الباحث المدقق، أحمد الحضرى، فى الجزء الثانى من «تاريخ السينما المصرية» قائلا: «أبدعت أم كلثوم فى القصائد العربية التى غنتها أيما إبداع فما الداعى لأن يتردد هذا الصوت الحنون بعاميتنا الحاضرة».. نجح الفيلم، لكن نجاح الأغنية كان أكبر، فأصبحت من مختارات الإذاعة ومن القطع التى تشدو بها أم كلثوم فى حفلاتها، وأثناء أدائها لها فى حفلة النادى الأهلى بتاريخ 17 سبتمبر 1944 الموافق 29 رمضان، حضر الملك فاروق، وتوقفت أم كلثوم إلى أن اتخذ الملك مكانه. واصلت أم كلثوم غناءها، وبذكائها، غيرت كلمات البيت الأخير، فبدلا من «يعيش هارون يعيش جعفر ونحيى لهم ليالى العيد» غنت «يعيش فاروق ويتهنى ونحيى له ليالى العيد»، وليلتها أنعم الملك فاروق بنشان الكمال لأم كلثوم.

مع قيام ثورة يوليو، اتخذ بعض رجالها موقفا معاديا من أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، وبعيدا عن التفاصيل تغيرت كلمات البيت الأخير من الأغنية، فأصبحت «تعيش يا نيل وتتهنى ونحيى لك ليالى العيد».. لكن ما يثير الدهشة هو اختفاء «يا ليلة العيد» من شريط فيدو الفيلم: من وكيف ولماذا ومتى؟. بعيدا عن البحث، مؤقتا، تمكنت الأغنية التى خرجت من الفيلم أن تكتسب حضورا مستقلا ودائما، فانتقلت من وسيلة لأخرى، وأعادت الشاشة الصغيرة إخراجها، لتظل «ليلة العيد» صوتا نابضا بالبهجة، فى قلوب المصريين.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات