فيلم مكرر - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 5:45 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فيلم مكرر

نشر فى : الأربعاء 23 فبراير 2011 - 10:27 ص | آخر تحديث : الأربعاء 23 فبراير 2011 - 10:27 ص

 عام «2011» هو عام الأفلام المكررة، لا يتم صنعها فى الاستوديوهات ولا تعرض على الشاشة الكبيرة، ولكن يأتى تصويرها فى الشوارع والميادين، لتعرض على الشاشات الصغيرة.. الأفلام، جوهريا، تتطابق، وإن اختلفت فى بعض التفاصيل الصغيرة. كلها تدور حول شعب مظلوم، مسروق، قرر فى لحظة، رفض الطغيان ومحاسبة اللصوص.. على الجانب الآخر، حاكم مزمن، تمكن منه عشق الكرسى، ولم يعد يطيق فراقه، حوله مجموعة من المنتفعين، لم يزينوا له البقاء فى السلطة وحسب، بل بتوريثها إلى أحد أبنائه أو محاسيبه.. السيناريو فى كل الأفلام، يسير بوتيرة واحدة، مثيرة وممتعة، تتضمن صراعا متوثبا، صاعدا، بين إرادتين قويتين، يتخللهما مواقف فيها من المناورة، والمخاتلة، والتضليل، الشىء الكثير. فيلمان تم إنجازهما، فى تونس ومصر، والثالث يجرى تشطيبه، فى ليبيا، والرابع تجرى بروفاته، فى اليمن، وخامس وسادس فى بلدان عربية أخرى. مراحل السيناريو تتوالى، متدفقة بالسخونة كالتالى:

ــ شباب فى العشرينيات، بوجوه تفيض بالأمل والغضب، يرتدون البناطيل الجينز والقمصان أو الفانلات، يلفون حول أعناقهم كوفيات، يتحركون فى مجموعات كبيرة، يحملون ذات الشعارات الموحدة، الشعب يريد تغيير النظام، والمطالبة برحيل الحاكم المستبد.

ــ قوات الشرطة تهاجم المتظاهرين. عساكرها تمسك بدروع وعصيان وتضع خوذات فوق رءوسهم.

ــ عربة شرطة مصفحة، من ذات النوع، متعددة القدرات، تتعمد، بكل خسة، دهس الشباب، فى تونس ومصر وليبيا.

ــ شرطة سرية، بملابس مدنية، تخطف هذا الشاب أو ذاك، تشبعه ضربا، تزج به فى ميكروباص، يتماثل فى شكله مع بقية ميكروباصات شرطة البلدان الثائرة.. صوت إطلاق رصاص، يطلقه قناصة سفلة، يختبئون فوق بنايات.. وثمة صرخات أمهات وأخوات، نابعة من قلوبهن، يولولن على شاب يسقط مضرجا بالدماء.. ولاحقا، تطالعنا صور والشباب الجميل، فى ثلاجات المستشفيات، بعد أن استشهدوا، وثقوب الرصاص بادية على أعناقهم. إنهم الثمن الغالى للحرية، وأيضا يزيدون من عزيمة الثوار.

ــ أخيرا، يظهر الطاغية أو من ينوب عنه، يلقى بيانا لئيما متهافتا متعفنا، يردد فيه أكاذيب عن مندسين ومجرمين وبلطجية، يهدد بالفوضى الآنية إذا ترك الحكم، ويقدم وعدا بالاستجابة فورا لمطالب الجماهير، وإصلاح ما تم إفساده خلال عشرين عاما وثلاثين وأربعين عاما. هكذا فعل زين العابدين وحسنى مبارك ثم سيف الإسلام، نجل معمر القذافى، المختلف شكليا عن سابقيه، فوجهه بدا متربا، ربما بسبب صلعته ذات الشعر الخفيف، بلون الجلد، وشاربه العجيب، المتعرج، الذى من الصعب أن تحدد معالمه. وطوال بيانه الطويل، الممل، حاول أن يبدو واثقا، لكن مخاوفه تجلت فى نظرته الزائغة بين الحين والحين، وارتباكه ظهر واضحا وهو يلملم أطراف جاكتته، كما لو أنها واسعة عليه.. إنه الإيذان بأفول نظام، ونهاية فيلم عظيم، وإن كان مكررا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات