دماء الإخوة المُراق - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 5:45 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دماء الإخوة المُراق

نشر فى : الجمعة 21 أغسطس 2009 - 8:25 م | آخر تحديث : الجمعة 21 أغسطس 2009 - 8:25 م

 لو أن مخرجا روائيا قدم هذا المشهد الكابوسى لجرى اتهامه بالمغالاة والتزييف والتضليل، وربما بالعمالة للأعداء، وأنه يروج للصورة الفظة التى تتعمد بعض الأفلام الأجنبية تجسيدها، بهدف تشويه فصائل المقاومة فى بلادنا. لكن المشهد كان وثائقيا، رصدته الكاميرا من قلب الواقع، وتناقلته معظم قنوات التليفزيون، فجاءت الفضيحة عامة، وبجلاجل، مصحوبة بأزيز الرصاص ودوى الانفجارات: فوق خشبة المنبر، داخل أحد المساجد، أثناء صلاة الجمعة يقف رجل عملاق، كل ما فيه بالغ الضخامة. الكرش منتفخ، اللحية طويلة، الصوت جهورى، وأمام المصلين، على جانبيه، يتحرك عدة جنود أقرب للأشباح، ملثمو الوجوه، يرتدون ما يشبه الجونلات السوداء، تحتها بناطيل، يلفون أجسامهم بقنابل، يمسكون ببنادق ومدافع رشاشة، ومن بينهم واحد بلحية، من دون لثام، يضع طاقية سوداء على رأسه، يروح ويجىء أمام المصلين، بخطوات فهد ونظرات صقر يتربص بفريسة، وبلهجة واثقة، مدججة بالغضب، شن الخطيب هجوما على حماس ــ العلمانية، وأعلن قيام إمارة «أنصار جند الله». وما إن انتهى هذا الموقف حتى جاء المشهد التالى: تبادل لإطلاق النار، من ونحو مئذنة المسجد، ثم صوت المذيع الذى يؤكد مصرع الأمير وانتهاء الإمارة التى لم تدم سوى بضع ساعات.

تحيلنا تلك التراجيديا المكثفة إلى عشرات المواقف المماثلة، فى الأفلام الروائية، فحين تقع إحدى الشخصيات فى قبضتى اليأس والغضب، فإنها تتصرف بنفسية المقامر الذى يراهن على حياته، فيبدو كما لو أنه يجرى نحو حتفه منتحرا. فى فيلم «القبضة الذى قام ببطولته سيلفستر ستالونى، على سبيل المثال، تحاصر قوات الأمن الباطشة عمال المصنع الذين يطلبون قدرا من العدل، وفى لحظة انفعال طائش، يقود أحد المضادين عربة نقل كبيرة، متجها بها نحو القوة المعادية التى تطلق عليه رصاصات تقتله على الفور، هكذا: هدف مشروع وتصرف أهوج.

بدوره، يحيلنا هذا الموقف إلى ما فعله رجال «أنصار جند الله» قبل تدمير الإمارة بعدة أيام، عشرة منهم، امتطوا صهوة الجياد، وبجرأة، اندفعوا نحو موقع للعدو، وقبل وصولهم إلى مبتغاهم استشهد بطلهم، إنهم، ،شأنهم شأن الأمير والإمارة، ضحايا الشجاعة التى ينقصها الوعى، وأسرى خيالات الماضى التى عفا عليها الدهر.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات