مسألة ذوق - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 7:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مسألة ذوق

نشر فى : الثلاثاء 21 أبريل 2009 - 10:43 م | آخر تحديث : الثلاثاء 21 أبريل 2009 - 10:43 م

 تذكرت هذه الواقعة التى روتها فاتن حمامة، والتى حدثت معها فى أثناء تنفيذ الفيلم الجميل، المؤثر والحميم «يوم مر.. يوم حلو»، فاتن، بطلة العشرات من أفلام بركات، صاحب مدرسة الواقعية الشعرية، ونجمة العديد من رومانسيات عزالدين ذوالفقار، والمؤدية المتميزة لشخصية المغلوبة على أمرها فى مليودرامات حسن الإمام.. لذا كان من المنطقى أن تتباين توجهاتها مع توجهات صناع «يوم مر..» الأقرب للواقعية الجديدة، وعلى الرغم من بعض الخلافات فإن التعاون بين المدرستين أصبح، أخيرا، سيد الموقف، وبالتالى غدا الفيلم من العلامات المهمة على خارطة السينما المصرية.

أما عن الواقعة المذكورة فتتلخص فى جملة حوار من المفروض أن توجهها فاتن حمامة لكبرى بناتها، تقول «يا بنت ما تخلصيش الجاز علشان القمل اللى فى شعر إخواتك».. انزعجت فاتن من كلمة «القمل» ورفضت أن تقولها، وبدورها انزعج كاتب السيناريو فايز غالى والمخرج خيرى بشارة من موقف سيدة الشاشة العربية، والواضح أن كلا منهما خشى من استمرار تدخلات فاتن حمامة، المهم أن المشكلة انتهت بأن تقول القديرة: «يابنت ما تخلصيش الجاز علشان أغسل شعر إخواتك»، على نحو يوحى بالمعنى من دون التصريح به.. وفعلا، أدت فاتن الجملة معبرة عما تقصده تماما، متفادية ما قد يجرح الإحساس.

تذكرت هذه الواقعة حين شاهدت «واحد/صفر» الذى كتبته بمهارة مريم نعوم، وأخرجته باقتدار كاملة أبوذكرى، الفيلم يتدفق على الشاشة متوغلا فى أحراش القاهرة وداخل أبطاله، تكاد تتكامل عناصره من أداء تمثيلى لتصوير لمونتاج لموسيقى مصاحبة، لكن فجأة، تداهمك كلمة تجرحك بدمامتها، تمنعك من الاسترسال السلس الناعم مع الفيلم، وآية ذلك تلك الكلمة النابية التى يوجهها الابن لوالدته فى مشهد المشاجرة القوى الذى أداه أحمد الفيشاوى أمام انتصار، يقول لها «أصحابى بيعيرونى بالنجاسة اللى إنتى فيها».

كلمة «نجاسة» الفظيعة، الثقيلة على الأذن والإحساس تثير قضية مهمة حول الفن: هل هو نقل للواقع أم تعبير عنه؟..نعم، فى الحياة من الممكن أن يقال أفدح من هذه الكلمة، لكن للفن منطق خاص، ولأن «واحد صفر» لم يكن به سيدة الذوق الرفيع فاتن حمامة، لذا بقيت الكلمة السيئة على حالها.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات