المناخ الإعلامى يشهد تقييدا متزايدا فى الهند - قضايا إعلامية - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 4:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المناخ الإعلامى يشهد تقييدا متزايدا فى الهند

نشر فى : السبت 21 فبراير 2015 - 11:50 ص | آخر تحديث : السبت 21 فبراير 2015 - 11:50 ص

نشرت مجلة كولومبيا جورناليزم ريفيو مقالا لجاريد مالسين، وهو صحفى مستقل مقيم فى القاهرة، تحدث فيه عن التضييق على الإعلاميين فى الهند. استهل مالسين مقاله بالإشارة إلى تحقيق طويل كتبته سابرينا بوك والتر لصحيفة تايمز اوف إنديا فى 2006 عن عمليات الاغتصاب الوحشى والقتل فى قرية بالقرب من مدينة ناجبور. وأثارت القصة اهتمام وسائل الإعلام المحلية. وبعد ستة أشهر، جاءت الشرطة إلى مكتبها لتطلب منها مغادرة الهند.

وقد تخرجت بوك والتر من جامعة ولاية جورجيا لتعمل فى مجال الصحافة فى الهند بعد ما وقعت فى "حب" البلد خلال فترة قضتها هناك. ومنذ طردها فى 2007، تم رفض طلباتها للحصول على التأشيرة أربع مرات، على الأقل، كان آخرها فى 2014. وخلال زيارة قصيرة فى 2011 احتجزتها الشرطة.

ووفقا لروايتها، كان من الممكن أن يكون خروجها القسرى من الهند بشكل أسوأ. فلم يتم القبض عليها، كما أنه لم يتم ترحيلها بالمفهوم الدقيق للترحيل. غير أن استمرار منعها من العمل، يؤكد الوسائل المعقدة التى تستخدمها السلطات الهندية لتقييد التعامل مع القضايا الحساسة فى الدين والطائفة والدولة. ويواجه الصحفيون الأجانب الويلات فى الحصول على التأشيرات ودخول البلاد، فى حين يواجه الصحفيون الهنود مآزق قانونية، وعواقب مهنية، وحتى العنف إذا تخطوا أى من الخطوط التى تتعلق بحرية التعبير المكفولة فى الدستور الهندى.

•••

ويوضح مالسين أن الضغوط تتزايد على الصحفيين لتقييد الانتقادات فى ظل الحكومة الهندوسية الحالية برئاسة ناريندرا مودى. وقد تم فصل صحفيين مؤثرين بسبب كاتبة تقارير تنتقد مودى وحزبه بهاراتيا جاناتا. وحتى قبل انتخاب مودى، تم فصل محررين بارزين واضطر صحفيون إلى الاستقالة، أو تم تهديدهم باستخدام العنف خلال تغطيتهم لمودى، واستمرت تلك التدابير منذ انتخابه.

ويشتهر أكثر أنصار مودى حماسة، بالغطرسة ومضايقة منتقديه، ولكن كما توضح حالة بوك والتر، فإن المشكلات المنهجية التى يواجهها الصحفيون فى الهند، تسبق انتخاب رئيس الوزراء الجديد. وتحظر قوانين الهند "القيام بأعمال متعمدة وخبيثة تهدف إلى إثارة المشاعر الدينية الغاضبة من أى طائفة،" وهو ما ينشئ، وفقا لما كتب ساليل تريباثى، نظاما قانونيا بأكمله ينحاز إلى من يشعرون بالإهانة؛ "حيث إن الحق الدستورى فى التعبير، يأتى فى مرحلة أدنى من الحق غير القائم فى أن تكون محل إهانة".

ومن الصعب أن تميز أى تهديد لحرية التعبير فى الهند بسهولة، بسبب العدد الكبير من المؤسسات والجهات الفاعلة المعنية المختلفة.
ويقول سوميت جالهورتا، الباحث فى شئون آسيا من لجنة حماية الصحفيين: "تعتبر باكستان، من أخطر البلدان فى العالم بالنسبة للصحفيين. والصين أكثر دولة فى العالم تسجن الصحفيين. ولكن الهند، من ناحية أخرى، تختلف عنهما"، وأضاف "يواجه الصحفيون فى البلاد مجموعة من التهديدات من عدة جهات" بما فى ذلك نظام القانونية والشرطة والمسلحين الذين يعتدون على الصحفيين، بالإضافة إلى أصحاب وسائل الإعلام الذين يتدخلون فى القرارات التحريرية. وتحتل الهند تحتل المرتبة الثالثة عشرة على مؤشر لجنة حماية الصحفيين للإفلات من العقاب، فقد قتل واحد وعشرون صحفيا فى البلاد منذ عام 1992، ولم يتم التحقيق فى قتل سبعة صحفيين".

•••

ويضيف الكاتب أن الصحفيين الأجانب فى الهند لم يفلتوا أيضا من عواقب كتابة تقارير عن موضوعات حساسة. ففى 2011، تم ترحيل الصحفى الأمريكى ديفيد بارساميان، بعد سفره إلى الهند لكتابة تقرير عن كشمير، التى تمثل خطا أحمر آخر للدولة الهندية. وبالإضافة إلى ذلك، تم رفض طلب ما لا يقل عن ستة من الرعايا الأجانب، من بينهم صحفيان ألمان ومخرج أسترالى، لدخول قرية فى ولاية تاميل نادو، كانت مركزا للاحتجاجات ضد محطة للطاقة النووية المخطط لها.

ويقول جيتا سيشو الذى يكتب لموقع ذى هوت لمراقبة وسائل الاعلام، ومقره فى دلهى "اننا بحاجة إلى أن ننظر فى هذه الحالات كجزء من نمط أكبر. هذه ليست مجرد انحرافات كما كنا نعتقد سابقا، أو أنها لم تطبق من خلال القنوات الصحيحة، إجرائيا أو دبلوماسيا ". ويضيف" تقييد حركة الصحفيين والأكاديميين وغيرهم من الأجانب فى البلاد، يعنى فقط أنه لن يسمح إلا بنقل نوع واحد من النسخ المجملة عن الهند إلى خارج البلاد ".

بالنسبة للصحفيين والأكاديميين، والنشطاء، يمكن أن يكون من الصعب إدراك بأنه تم عبور خط أحمر. فإن وسائل الإعلام الهندية واسعة الانتشار ما زالت تعمل بحيوية، والعديد من وكالات الأنباء الأجنبية تنشر كل يوم تقارير تحتوى على انتقادات. لكن المضايقات، والدعاوى القضائية، والتهديدات مستمرة. وتقول بوك والتر "القاسم المشترك هو أن تسيء إلى شخص لديه ما يكفى من النفوذ، أو يمكنه إجراء مكالمات هاتفية كافية لمنعك من كتابة تقارير حول القضية التى تسببت فى ضجة".

وفى هذا السياق سحبت مؤسسة بنجوين بوكس انديا، كتابا نشرته العام الماضى "الهندوس: التاريخ البديل" ومؤلفه ويندى دونيجر، أستاذ العقيدة فى جامعة شيكاغو، بعد أن تم رفعت مجموعة هندوسية محافظة، دعوى ضد الناشر. ولم يكن دونيجر وحده. فقد استنكرت الكاتبة البنجلاديشية التى تعيش فى المنفى، تسليمة نسرين ما وصفته بأنه "سرطان متزايد" من الرقابة بعد ضغوط من الجماعات الإسلامية الهندية. وبعد تعرض الكاتب التاميلى بيريومال مورجان اللاحتجاجات والمضايقات من المنتقدين، أعلن الشهر الماضى انه سحب كل أعماله من النشر. وكتب على صفحته على الفيس بوك "مات الكاتب بيريومال مرجان".

•••

وفى ختام المقال يشير مالسين إلى قول المدافعين عن حرية التعبير أن المناخ المقيد بشكل متزايد يمكن أن يردع الصحفيين والخبراء الأجانب عن زيارة البلاد. ويقول سيشو "إذا كان هناك من يرغب فى المجيء من أى مكان فى العالم، وإعداد تقييم مستقل من الهند، وهو ما ينبغى القيام به، فلن يقدم على ذلك". ويضيف "من المفترض أننا دولة ديمقراطية."

التعليقات