شمشون ولبلب - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 7:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شمشون ولبلب

نشر فى : السبت 20 أغسطس 2011 - 9:24 ص | آخر تحديث : السبت 20 أغسطس 2011 - 9:24 ص

 مرة أخرى، وليست أخيرة، أشاهد «عنتر ولبلب» على إحدى القنوات. هذا الفيلم لا أمل من متابعته، هو عندى مثل الأغنية الجميلة، كلما سمعتها تتبين فيها سحرا جديدا.. الفيلم، بسيط وعميق، كوميديا يخفى رؤية شديدة الجدية، كتبه، أحد كبار المواهب المصرية: بديع خيرى، بحواراته المفعمة بالدلالات، وأخرجه فنان لم يأخذ حقه من الدراسة. اسمه: سيف الدين شوكت.. عرض الفيلم يوم 14/4/1952 أى قبل ثورة يوليو بثلاثة أشهر. وبرغم أن موقفه، واتجاهه الفكرى، السياسى، يصب فى طاحونة الثورة، فإنه تعرض لاضطهاد ظالم، أدى إلى حجبه لفترة غير قصيرة من ناحية وتغيير عنوانه من «شمشون ولبلب» إلى «عنتر ولبلب» من ناحية ثانية.

الأحداث تدور فى حارة مصرية، شعبية، تتدفق بالحياة والحيوية، دكاكينها تحمل أسماء «مطعم الحرية»، «جزارة القنال»، «عجلاتى الوحدة»، وفجأة يأتى وافد غريب، مريب، ضخم الجثة، مفتول العضلات، يؤدى دوره سراج منير «شمشون ــ عنتر فيما بعد»، يفتح كباريه، مما يزعج سكان الحارة خاصة حين تتبدى قوته حين يحمل البيانو، بذراعه.. يبدأ فى تقديم عروضه، من رقص لأكروبات لألاعيب سحرية، ولكن الأهم، بل الأخطر، أنه يستميل والد الفتاة الرقيقة، النهم للمال، بأداء عبدالوارث عسر، الذى يحاول إبعاد خطيب ابنته، شكوكو، عنها.. وسريعا، يندلع الصراع بين عنتر وشكوكو، ويتعمد صناع الفيلم أن يكون أقرب للكارتون، ومطاردات «توم وجيرى»، فعلى نحو كاريكاتورى، يطالعنا سراج منير، الضخم، بمايوه وفانلة مخططة بالعرض، وملامح وجهه الغليظة مدججة بشارب يمتد إلى الجانبين، بالإضافة لكثافة شعر الحاجبين. سريع الانفعال، يلجأ للعنف بلا تردد، ينزل من فوق خشبة المسرح غاضبا، متجها إلى شكوكو، المحتج، ليفرك أنفه الذى يتحول إلى ما يشبه البرتقالة، ويرفعه ليعلقه على مسمار.. يدرك لبلب، ابن البلد، أن الصراع ضد الدخيل حتمية، ولابد من استنفاد طاقته، وتبديد هيبته، وذلك بصفعه على وجهه سبع مرات. تتوالى المصادمات بين الشرس، المغرور، الشرير. والطيب، المتواضع، المعتمد على العقل.. وفى مشاهد كوميدية، ينجح ابن البلد فى إنجاز ست صفعات. حينها، يتدخل والد خطيبة «لبلب»، المتواطئ مع «شمشون»، ويقترح عقد «مفاوضات» من أجل الصلح، وبعد جولة مفاوضات، مع استمرار الدخيل فى أفعاله، ينتبه لبلب إلى عبث المفاوضات فيقرر إنجاز الصفعة السابعة. وبعد نجاحه فى مسعاه لا يصبح أمام «شمشون» إلا الرحيل، وسط الأفراح التى تعم الحارة وأهلها.

هذا الفيلم المصرى الظريف، الذى يشرح نفسه بنفسه، تعرض لعاصفة رقابية مجحفة، يتابع تفاصيلها، الباحث الدءوب، المتميز، المنصف فى أحكامه النقدية محمود على فى كتابه الممتع «مائة عام من الرقابة على السينما المصرية»، ويورد تقارير الرقباء المتعسفة، المشينة، والتى أدت إلى تغيير عنوانه، ومنعه من العرض والتصدير لسنوات، بتلك الحجة السقيمة «الإساءة لسمعة مصر».. لكنى بقى الفيلم، وتم نسيان أسماء الرقباء.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات