ملوك مصر - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 7:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ملوك مصر

نشر فى : الأحد 20 مارس 2016 - 10:40 م | آخر تحديث : الأحد 20 مارس 2016 - 10:40 م
ساعتان من الانزعاج والنكد الغليظ، يجثمان عليك، أثناء مشاهدة هذا الفيلم السخيف.. وحتى بعد مغادرة دار العرض، ستلاحقك ــ بعد الشر عنك ــ لعنة الفراعين الوهمية، متمثلة فى صداع مزمن، بسبب طوفان الخبط والرزع والصراخ والموسيقى المصاحبة المنفلتة بلا ضابط أو رابط، بالإضافة لإرهاق شديد فى العينين، نتيجة للانفجارات الضوئية، وألوان النيران الساخنة، المندفعة من عمق المجال، إلى منتصفه، ثم تكاد تخترق الشاشة فى اتجاه المتابع الذى لابد أن ينكمش فى مقعده، خشية أن تطوله ألسنة اللهب، لأن الفيلم مجسم على طريقة الـ«3D». «آلهة مصر»، الذى أصبح عنوانه فى البلاد العربية «ملوك مصر»، خوفا من دهاقنة العصور الوسطى، يبدأ بصوت وقور، يقدم فذلكة عن الصراع بين الشرير «ست»، ملك الصحراء، صاحب القلب المفعم بالضغينة، و«حورس»، الشاب الطيب، الوديع، الذى يؤول له عرش النيل، واليوم، هو يوم تنصيبه ملكا.. هذا الكلام يُسرد على صورة كالحة لنهر تعلوه، على الجانبين، صخور وتلال، ثم بنايات، على امتداد الأفق، صغيرة، ينتشر ويبرز منها، عدد كبير من الأهرامات.

«حورس» ــ بأداء نيكولاس كوستر ــ فى قصره المنيف، حوله حوريات بملابس أقرب لأزياء الراقصات الشرقيات، ينزل حمام السباحة، تدلكه إحداهن، يتهيأ لتنصيبه ملكا على الوادى.

أمام جماهير حاشدة، بلا وجوه واضحة المعالم، تنهض منصة إجراء المراسم.. فجأة، على رأس جيش عرمرم، يأتى «ست» ــ يؤدى دوره الأسكتلندى جيرار بتلر ــ متظاهرا بتهنئة حورس، معلنا أن النزاع بينهما لن يندلع. لكن، فى غضون لحظات، وبإشارة منه، تنقلب الأمور تماما، قواته المنظمة، المدججة بالحراب، تطرد وتطارد الجماهير، بينما هو، على المنصة، يقتل أوزوريس، ويدخل فى صراع مميت مع «حورس»، ويتمكن من نزع عينه، التى لاتزال تميمة حتى الآن.. يغدو «ست» حاكما، لكن الصراع بينه وبين «حورس» يتواصل، ليسغرق الفيلم كله، ويدور، بخيال مخبول، بين المقابر، بالقرب من الأهرامات، فى الجو، حيث طيور بشرية، لها أجنحة من حديد وصفيح، تفتح وتغلق حسب الطلب.. وعلى الأرض، إلى جانب الاشتباكات البدنية، ثمة مطاردة عجيبة، من وحشين يمتزج فى شكليهما، الثعبان والتنين والتمساح، يطلقان اللهب من جوفيهما، ويحاولان التهام «حورس»، وتمزيقه إربا، بأنيابهما المدببة، القاسية، لكنه، يتمكن من قتلهما.

مخرج الفيلم، أليكس بروياس، المولود فى مصر ١٩٦٣، من أم يونانية وأب أسترالى، ذهب إلى سيدنى، مع والديه ١٩٦٦، وبعد دراسته للسينما، اتجه إلى هوليود ليقدم عدة أفلام من نوع «الفانتازيا»، أو الخيال الجامح، الذى ليس بالضرورة أن يكون علميا، مثل «مدينة الظلام» ١٩٩٨، «روبوت» ٢٠٠٤، «معرفة» ٢٠٠٩.. وطالما هذه الأفلام لا تستند على حقائق أو تعتمد على نص أدبى أو حكاية تاريخية أو أسطورية، فإن حرية الخيال فيها تكون مطلقة.. لكن الأمر يختلف مع «آلهة مصر»، فإذا كان من الطبيعى أن يتطلب العمل نوعا من المنطق، سواء يتمشى أو يتعارض مع الأصل، فإن أليكس بروياس ضرب بكل هذا عرض الحائط، واتجه بفيلمه إلى محاكاة لعب «الأتارى» القديمة، من دون الالتفاف إلى مكان وزمان الأسطورة، ومعانيها، وبالتالى، تعرض «ملوك مصر» إلى هجائيات عنيفة، فى كل مكان يعرض فيه، مما دفع مخرجه إلى الصراخ، برعونة، معلنا «أنا.. أكره النقاد».
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات