الرقص على إيقاعات العدو - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 8:08 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الرقص على إيقاعات العدو

نشر فى : الأربعاء 19 سبتمبر 2012 - 9:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 19 سبتمبر 2012 - 9:00 ص

انزلقنا فى انفعالاتنا، فأصبحنا جزءا من الفيلم المنحط. المخرج الخبيث، المتآمر، صرح حسب زعم بعض وكالات الأنباء، بأنه صنع «محاربو الصحراء» كى يرى العالم أخلاق المسلمين.. هذا الكلام جاء عقب مقتل السفير الأمريكى وثلاثة من معاونيه فى ليبيا، وتداول الصور البشعة لجثثهم، شبه عارية، يجرى جرجرتها على الأرض، بالإضافة لمقاطع من فيديوهات، ترصد أولادنا فى مصر، أثناء تسلق أسوار السفارة الأمريكية وحرق علم العم سام، ثم جحافل الإخوة السودانيين، بملابس متواضعة ــ لا أريد استخدام كلمة مهلهلة ــ فى طريقهم للسفارة الأمريكية.

 

إذن، فصاحب الشريط الإجرامى، مع سبق الإصرار، رسم سيناريو أبعد من كونه مجرد فيلم على ورق، فالجزء الأهم، والأخطر، تركه لنا، كى نستكمله، وهو مطمئن إلى أننا سننفذ ما يطمع فيه.. وبداية، استخدام كلمات من نوع «مخرج» و«فيلم» و«ممثل»، تأتى هنا من باب المجاز، فالمخرج لا علاقة له بفن السينما، لن تعثر على اسمه فى أى قائمة، بل ثمة التباس فى اسمه، نقرأ مرة أنه نيقولا باسيلى، ومرة أخرى روبرت باسيلى، وأحيانا بى جى توباكو، وكيرتباج ديفرات، وأروين سلامة.. لكن الصورة الشخصية المتداولة، هى لنيقولا باسيلى، وفيما يبدو أنه فى الخمسينيات، بشارب فضى ضخم، وعيون ضيقة، وتؤكد المعلومات أنه نصاب كبير، دخل السجن مرتين لثبوت قيامه بالسرقة والاحتيال.

 

أما عن الشريط، فإن الأجزاء المتوافرة منه، تثبت يقينا، عدم انتمائه لفن السينما: التصوير مرتبك، الكاميرا لا تتحرك، بليدة، مكبلة داخل كادرات ضيقة، مما يعنى أن التنفيذ جرى فى مكان مغلق، فانفصل تماما عن اتساع الصحراء فى خلفية أضيفت للقطات ذات الحجم المتوسط، فالمصور يتحاشى الاقتراب من هذا الوجه أو ذاك فيما يعرف باللقطات الكبيرة أو القريبة. الممثلون، كلهم نكرات، لا يوجد بينهم اسم واحد له شأن. الأداء عندهم يتسم إما ببرود منفرد أو بمغالاة فجائية مقيتة، ويصل الفيلم فى بعض أجزائه إلى مستوى «البورنو» الرخيص.. وطبعا، يتردى «محاربو الصحراء» إلى الدرك السفلى، أخلاقيا، فى تجسيده لسيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، ويقدمه فى مواقف من العار مجرد سردها.

 

صاحب الشريط المنحط، سواء كان المخرج أو المنتج، وسواء كان شخصين أو شخصا واحدا، فإن الثابت أن ثمة عملية نصب وتدليس وراء تنفيذه، فالممثلة المغمورة، سيندى لى جارثيا، بطلة الشريط، صرحت بأنه تم تضليلها، مع بقية الممثلين، حين ادعى المخرج ــ سام باسيلى ــ ان فيلمه يدور فى مصر، منذ ألفى عام، ولم يشر إلى حقيقة عمله، وقررت الممثلة إقامة دعوى قضائية، ضد صاحب الفيلم، الكاذب المحتال.

 

فى تقديرى، أن هناك جهة ما، وراء إنتاج الشريط، لا يعنيها نجاحه، ولا تكترث بأى مكاسب مالية تأتى من ورائه، ولكن تهدف فعلا إلى ما جرى فى الواقع، ولأنها تعرف طباعنا، متى وكيف ولماذا نتمايل ونندفع ونهيج ونترنح، فإنها عزفت على أوتارنا المتوترة المشدودة، ونصبت لنا كمينا، أوقع من بيننا قتلى وجرحى ومعتقلين، واستقدمت طلائع الكوماندوز الأمريكان، معززة ببارجتين حربيتين، وتهديدات مبطنة وصريحة.. هكذا، جهة قدمت فيلما تافها، فاشلا، لا ينطلى على أحد.. لكن، بفضلنا، نجحت فى مسعاها البعيد.

 

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات