من يصنع القرصان؟ - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 9:08 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من يصنع القرصان؟

نشر فى : الثلاثاء 18 أغسطس 2009 - 10:26 م | آخر تحديث : الثلاثاء 18 أغسطس 2009 - 10:26 م

 فى الفيلم الجميل «العصر الحديث» يطرد شارلى شابلن من المصنع بسبب انعدام مهارته إذا قيست بزملائه الأقدر والأسرع والأقوى، وبعد فترة تشرد يحصل على عمل فى محل تجارى، عليه أن يحرسه ليلا، وبينما تبدو الحياة كما لو أنها تبتسم له تقتحم عصابة المحل التجارى، ينتابه الذعر، وحين يلتفت نحو أعضاء العصابة يكتشف أنهم من زملائه العمال المهرة. لقد تم الاستغناء عنهم. يتبادل معهم الأحضان والقبلات، ويقول أحدهم وهو يبكى، جملة من أرق وأعمق الجمل التى كتبت على شاشة السينما الصامتة: نحن لسنا لصوصا، ولكننا جوعى.

تذكرت هذا المشهد الإنسانى أثناء مناقشة مع سينمائيين يتهيئون لتحويل ما جرى مع الصيادين المصريين إلى فيلم روائى أو مسلسل تليفزيونى. قال أحدهم: إنهم ملح الأرض: أبناء مصر، سلالة أبطال حرب أكتوبر 73، نماذج للصبر والشجاعة، وللكرامة والكبرياء، فإذا كانت عظمة الجندى تتجلى فى عودته من المعركة بسلاحه، وعلى مركبته الحربية، فإن الصيادين رفضوا عودتهم على متن طائرة، وأصروا على البقاء داخل وعلى متن سفينتيهم.. السفينتان «ممتاز ١» و«سمارة» قديمتان، الصدأ يغلف أسوارهما والبارومة تزحف على جوانبهما، لذا فإن قيمتهما الرخيصة تأتى من سواعد الذين يعملون عليهما، بدأب وجلد، ويوفرون لقمة العيش لعشرات الأسر.

النجاح، أو النصر، له أكثر من أب، فمن هو صاحب الفضل فى ذلك الإنجاز الكبير، الذى جاء بعيدا عن البوارج الحربية الضخمة التى تتبختر على المياه، والتى أرسلتها الدول الكبرى بزعم القضاء على القرصنة، وزارة الخارجية حاولت بلا جدوى، أن تظهر فى الصورة، وادعت إحدى الصحف أن «جهازا» فى الدولة كان له دور رئيسى فى العملية، وطبعا لم يصدق أحد، وذهبت جريدة إلى القول بأن الرئيس مبارك طلب من الرئيس الصومالى قليل الحيلة، البائس ــ التدخل لإطلاق سراح رجالنا، وإلى أن تتجلى الحقائق، لا يظهر فى الصورة، إلى جانب الصيادين، سوى المعلم «حسن خليل» صاحب «ممتاز ١» الذى ذهب بنفسه، لفك أسر السفينتين، بالإضافة لعضو مجلس الشعب، حمدين صباحى الذى تابع القضية بضمير يقظ، وظهر على الشاشة الصغيرة، بوجه أنهكه عناء تحمل المسئولية.

فى المناقشة، دب الخلاف حول الموقف من «القراصنة الأسرى» قال البعض إنهم أشرار، مجرد مجرمين وقتلة، يجب إبادتهم، لكن أكثرنا حكمة سأل: من صنع القراصنة، ولماذا انخرطوا فى هذه المهنة.. الآن، بعد الفوز والانتصار، تذكرت لصوص «العصر الحديث» كما قدمهم شارلى شابلن.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات