زهايمر - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 7:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

زهايمر

نشر فى : الأربعاء 17 نوفمبر 2010 - 11:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 17 نوفمبر 2010 - 11:00 ص

 فى أحد مشاهد «زهايمر»، يلمع أداء عادل إمام ويصل إلى ذروة لن تجدها طوال الفيلم، فأثناء بحثه عن أحد أصدقاء الماضى، حيث توفى معظمهم، يعثر على صديق حميم، هو الآن نزيل دار رعاية المسنين، وعندما يزوره، يجده فى حالة يرثى لها: ذاكرة معطوبة، تشتت عقلى، عدم انضباط انفعالى، يبول على نفسه.. يغادر عادل إمام المكان، ومن وراء قضبان حديقة المصحة، يحاول ألا ينظر نحو صديقه، لكن لا يستطيع. ومع كل التفاتة يشعرنا عادل إمام، بسحب الأسى الممتزجة بالألم فى عينيه، أن يدا قاسية تعصر قلبه ويكاد يجهش ببكاء صامت.

مثل هذا الموقف المبتكر، الملئ بالمعانى، المكتوب بتأن، المنفذ بإتقان، لا يتكرر فى الفيلم المصنوع على عجل، أو على الأقل هذا ما يوحى به، فالسيناريو الذى كتبه نادر صلاح الدين ينهض على فكرة عقوق الأبناء، ودور الآباء فى تلاشى الحس الأخلاقى عند هؤلاء الأبناء.

الفكرة جادة، جيدة فى حد ذاتها، ولكن المشكلة تكمن فى بناء السيناريو المتهافت، المعتمد على شخصيات مصمتة، مجرد عناوين ينقصها دفء الحياة. الفيلم يحكى أن ابنين: فتحى عبدالوهاب وأحمد رزق. يقعان فى ورطة مالية. يقرران الحجر على والدهما، بزعم إصابته بالزهايمر ولتحقيق هدفهما، يتفقان مع طابور طويل من الفاسدين لإقناع الرجل بمرضه: ممرضة، خادمة، طبيب، محام، بستانى، حارس الفيللا، بالإضافة لأحد أصدقائه القدامى.. وهؤلاء جميعا، فرادى ومتجمعين، لا يشغلون فى الفيلم سوى مشاهد قليلة، يظهرون على نحو هامشى باهت، أمام عادل إمام الذى يبدأ به الفيلم حين استيقظ ذات صباح فوجد أمامه ممرضة لا يعرفها، شأنها فى هذا شأن الخادمة، والبستانى. الكل يحاول إثبات مرضه، لكن الرجل لا يستسلم، حتى بعد أن يستنجد بولديه.. وبالقرب من منتصف الفيلم، تعترف الممرضة، نيللى كريم، بالمؤامرة التى تحاك ضده. وبدلا من استكمال المعالجة الجادة للفكرة، يدخل الفيلم فى متاهة من التهريج: عادل إمام يزاول هوايته المزمنة فى صفع الآخرين، وهنا يتركز الصفع على «البستانى» الأبله.

يتظاهر الأب أنه مصاب بالزهايمر فعلا، فيصر على تحميم ولديه، بنفسه، فى البانيو، كما كان يفعل أيام الماضى، وها هو فتحى عبدالوهاب وأحمد رزق يتباكيان من «اللوفة» الخشبية التى يستخدمها والدهما، وينقلنا الفيلم من هزل إلى هزل، ليؤكد قدرة الرجل على الثأر.. ويردد الأب، أكثر من مرة، أنه هو السبب فى إفساد ولديه.. لكن الفيلم لا يبين لنا هذا السبب.

فيما عدا المشهد القوى، المرصود فى بداية العمود، عبثا تحاول البحث عن المخرج عمرو عرفة، ففيما يبدو أنه اعتمد مقولة «التمثيل مسئولية كل ممثل»، وبالتالى بدا وجه نيللى كريم مسطحا تماما، بلا تعبير. ومن كراكيب السينما المصرية، استعادت الممثلة التى قامت بدور الخادمة، والتى لا أعرف اسمها، طريقة وداد حمدى فى أداء لا يمكن أن يتأتى إلا لوداد حمدى، فبدت سقيمة، ثقيلة، لا ينافسها فى هذا إلا تلك التى قامت بدور زوجة أحد الابنين، ولكى لا نظلمهم، نشير إلى أن المخرج المتعجل، دفع أو اتفق مع مصوره، محسن أحمد، ألا يتوقف عند هذا الوجه أو ذاك، وبالتالى كانت نتيجة الزهايمر: مشهد واحد جيد والباقى فى عالم النسيان.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات