التعديات على المستشفيات.. والعلاج بالخلايا الجذعية - منى مينا - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 3:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التعديات على المستشفيات.. والعلاج بالخلايا الجذعية

نشر فى : السبت 17 مارس 2012 - 9:35 ص | آخر تحديث : السبت 17 مارس 2012 - 9:35 ص

تكرار التعدى على المستشفيات ظاهرة خطيرة، يقف فيها المرضى وأهاليهم فى مواجهة الأطباء وباقى أفراد الفريق الطبى، ينتج عنها أحيانا تدمير لبعض التجهيزات الطبية، وأحيانا بعض الإصابات لأطباء أو ممرضات، وأحيانا إصابات وحوادث وفاة لمرضى على يد أهالى مرضى آخرين، ولكن أخطر ما ينتج عنها هو تشوه وتأزم العلاقة بين المرضى والأطباء وباقى أعضاء الفريق الطبى.. المشكلة أن هذه العلاقة علاقة حتمية.. لا يمكن للمرضى أن يستغنوا عن الأطباء.. ولا يمكن للأطباء أن يعملوا بعيدا عن المرضى..و لكن هناك فارقا أن يتعامل طرفا العلاقة وسط جو من الثقة والتفاهم، أو أن يتعاملا مرغمين وسط جو من فقدان الثقة والحذر والتوجس.

 

تحدثت وتحدث غيرى كثيرا عن هذه الظاهرة الخطيرة التى ظهرت مع الانفلات الأمنى، وكأنها إحدى الطرق التى يعاقب بها الشعب المصرى على أنه تجرأ وثار على جلاديه، ناقشنا الظاهرة وأوضحنا أن علاجها له شقان، أولهما ضرورة تحويل المستشفيات من وضعها الكارثى الحالى، إلى مستشفيات حقيقية، نظيفة وبها نظام واضح لاستقبال المريض، وإمكانيات حقيقية للعلاج، دون أن نطلب من أهل المريض أن يسرعوا فى جوف الليل لشراء أمبول علاج، أو أسترة، أو حتى سرنجة.. وجود مستشفى محترمة فى حد ذاته هو أكبر حائط صد للتعديات، إذ إن الأغلبية الساحقة من البشر، هم أناس طبيعيون لا يفكرون فى اللجوء للعنف إلا إذا يئسوا من الحصول على مطالبهم واحتياجاتهم بدون عنف.. طبعا كل ما سبق يحتاج لأن تنفق الحكومة ووزارة الصحة على المستشفيات دون التعلل بنقص الميزانية، فكلنا نعرف المليارات المهدرة فى الكثير من أوجه الفساد.

 

ثانى طرق التأمين هو وجود قوة أمن ثابتة ومسلحة على مداخل المستشفيات، ويكون لهذه القوة صلاحية التعامل مع أى محاولة تعدى عند اللزوم، وتقوم القوة بالتعاون مع أمن المستشفى بتنظيم دخول المرضى للمستشفى بحيث يسمح لكل مريض بمرافق واحد، طبعا فيما عدا وقت الزيارة، هذه القاعدة البسيطة، يمكن أن تنهى حالة الفوضى والإزدحام والارتباك التى تسود المستشفيات، وتعرقل الأطباء ــ طبعا بالإضافة لعراقيل أخرى كثيرة ــ عن محاولة أداء عملهم.

 

أما آخر طرق تأمين المستشفيات فهو المحاسبة القانونية الحازمة بل والصارمة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على مستشفى، بدلا من الوضع الحالى الذى ينصح فيه الطبيب الذى يبلغ عن اعتداء، بالتصالح مع المعتدين، وإلا سيعرض نفسه للبهدلة، وللبيات بحجز القسم مع المعتدى عليه !!

 

وأنا وسط الاستغراق فى مثل هذه المناقشات بسبب آخر موجة للاعتداءات فى الأسابيع الأخيرة، صفعتى بعض المعلومات عما وصل له العلاج بالخلايا الجذعية، خصوصا فى علاج أطفال الشلل الدماغى، وهى حالة مأساوية يعرفها جيدا أطباء الأطفال، يولد بها الطفل. وينمو مشلولا، ومتخلف عقليا، ولا أمل فى شفائه، ثم تأتى اكتشافات العلم الحديثة، لتعيد الخلايا العصبية المدمرة للعمل، ليشفى الطفل وينمو طبيعيا.. تطمح تجارب الخلايا الجذعية إلى تخليق أنسجة وأعضاء بدلا من تلك التى يفقدها الإنسان بالمرض.. باختصار ينطلق الطب والعلم فى العالم لتحقيق المعجزات، بينما نحن نناقش ونعيد مناقشة ضرورة أن تتوافر بالمستشفيات سرنجات وأدوية، وضرورة أن تأمن المستشفيات حتى يستطيع الأطباء أن يؤدوا عملهم.

 

السؤال الآن من المسئول عن تركنا نتخبط فى هذا الوحل بينما الطب ينطلق لآفاق المعجزات العلمية؟ من المسئول عن إهدار حق المريض فى علاج كريم، وعن تسميم العلاقة بين المرضى وأطبائهم؟ إلى متى سنظل نناقش وندلل ونسوق الحجة وراء الحجة، لندلل على أن توجيه نصيب عادل من ميزانية الدولة  ــ حتى وإن كانت محدودة ــ للصحة والتعليم والبحث العلمى هو وحده الطريق للمستقبل؟ وإلى متى ستظل كل صيحاتنا تصدم باللامبالاة والانحياز للفاسدين والمفسدين؟

 

عموما حتى وإن كنت لا أعرف بالضبط متى ستتمكن جهود المخلصين من أبناء هذا الوطن، أن تخلصنا من الوحل الذى ندفع دفعا للتخبط وسطه.. لكنى أعرف بالتأكيد أن هذا اليوم سيأتى، أراه يقترب على مهل.. وأعرف أن التاريخ لن يرحم من أهدر الكثير من فرصنا للتنمية.. ولن يرحم من اختار أن يقتل الشباب ويفقأ أعينهم بدلا من إطلاق قدراتهم القادرة على الانطلاق بنا لمصر الجديدة التى نتمناها ونستحقها.

التعليقات