سكورسيزى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 8:33 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سكورسيزى

نشر فى : الثلاثاء 16 يونيو 2009 - 6:27 م | آخر تحديث : الثلاثاء 16 يونيو 2009 - 9:50 م
أسعدنى خبر دعوة المخرج الأمريكى سكورسيزى لمهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الجديدة، وعندى ثلاثة أسباب لهذه السعادة، أولها: أننى شاهدته فى إحدى مقاهى مدينة مراكش، حوله مجموعة من الشباب، يتحدث معهم بود، ويشرح لهم شيئا ما، ولما سألت صديقنا المغربى، الناقد نور الدين الصايل عن علاقة الرجل بهؤلاء الشباب، عرفت أنهم طلبته فى الدورة التى أقامها لفن كتابة السيناريو، تقديرا وعرفانا منه للمساعدات التى تلقاها من المغرب أثناء إخراجه لبعض أفلامه هناك، مثل «آخر إغواء للمسيح» و«كوندون»، وإلى جانب «رد الجميل» اعتبر سكورسيزى أن هذه الورشة المجانية نوع من «الزكاة» عن علمه وخبرته.

أما السبب الثانى فيتجسد فى تلك المنحة الثمينة التى منحها لمصر حين تحمس لترميم «المومياء» فى مؤسسته العالمية التى تهدف لإنقاذ الآثار السينمائية ذات القيمة الرفيعة من التلف، وبعد إتمام الترميم، وأثناء عرض الفيلم فى مهرجان «كان» الأخير، تحدث عن شادى عبدالسلام وفيلمه الوحيد، حديثا مليئا بالتقدير، علما بأن «المومياء» الشاعرى الهادئ قد لا يتوافق مع أسلوب سكورسيزى فى أفلامه الصاخبة، المترعة بالعنف، المعنوى والمادى.

ويأتى السبب الثالث فى قلب أفلامه التى تقدم درسا فى رحابة التفكير وعمق الرؤية وقوة التعبير وجماله فى آن. «عصابات نيويورك» على سبيل المثال، يتابع صدام عصابات نيويورك فى أواسط القرن التاسع عشر، فالصراعات المميتة تندلع بين قدامى الوافدين إلى تلك المدينة التى فى طور النمو، والوافدين الجدد، كل منهما يريد إزاحة الآخر والقضاء عليه، مذبحة لهذا الطرف ومجزرة للطرف المنافس. هكذا، كأن مدينة نيويورك التى ترعرعت فى عنف الشوارع وتخضب جليدها الأبيض باحمرار الدم لا تعرف الرحمة، تنهض على جثث القتلى وتؤمن أن العنف سيد الأخلاق، وتمتد رؤية سكورسيزى إلى ما هو أبعد حين تعلن العصابتان عصيان قانون التجنيد الإجبارى، فتتولى الدولة مسئولية معالجة الأمر: بنادق الجنود ومدافع الحكومة تطلق رصاصها وداناتها فتقتل وتهدم وتبطش، ومع صرخات الألم وارتفاع الغبار الكثيف وأشباح المصابين المترنحة تولد أمريكا الموحدة، وشأنها شأن «عصابات نيويورك» ترى أن العنف هو الشرط الجوهرى للبقاء على قيد الحياة.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات