إلى أين؟ - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 15 مايو 2024 10:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إلى أين؟

نشر فى : السبت 15 أكتوبر 2011 - 10:05 ص | آخر تحديث : السبت 15 أكتوبر 2011 - 10:05 ص

إخفاء الصورة لا يعنى إلغاء الحقيقة، بل ربما يؤدى إلى رواجها.. وهذا بعض ما جرى يوم الأحد الدامى، فثمة مشهد فظيع، سجلته أكثر من كاميرا، وعرضته عدة قنوات، أجنبية وعربية، ومنها إحدى القنوات الحكومية. المشهد، أعاد إلى الأذهان صورة العربة السوداء المصفحة، وهى تدهس بجنون، ثوار 25 يناير. ولكن بشىء من تفاصيل لبست بذى بال، فالعربة، فى هذه المرة، كانت صفراء، صعدت بقوة وكفاءة فوق رصيف فى نهر الشارع، تحاول ملاحقة واصطياد متظاهرين يحاولون، بذهول وذعر، الفرار منها.. قد يرجع الذهول إلى أن أحدا لم يتوقع ظهور العربة القاتلة، بمثل هذه السرعة بعد اختفاء زميلاتها المريب، بشهور قليلة، وبذات التكتيك فى المناورة، بالرجوع للوراء، والدوران، والاقتحام. ولا شك أن أسباب الذعر متوافرة ومفهومة، فالعربة المصفحة التى لا تعرف الرحمة، تملك طاقة قتل من الصعب تبديدها.. اللقطات، تشرح نفسها بنفسها، ولا تحتاج لتحليل أو تعليق، والواضح أن عرضها أزعج من يهمهم إخفاء الحقائق، لذا أوقف بث هذا المشهد، وصرح أكثر من واحد: انظروا، القنوات العربية تعيد عرض هذا المشهد، بهدف تأليب الرأى العام ضدنا، إنهم لا يريدون الاستقرار لنا.. هكذا، كما لو أن هذه القنوات هى التى صنعت تلك اللقطات الفاجعة، وكأن المشهد روائى، وليس وثائقيا.

 

حدث ما حدث، وحققت المصفحة نصرا رخيصا، جبانا، ودهست العشرات، مخلفة وراءها وأمامها مصريين فى عمر الزهور، سواء من أبنائنا الجنود أو المتظاهرين.. كلهم، دم واحد، من نسل واحد، يليق بنا وبهم أن نحزن من أجلهم جميعا.. إنهم، من قبل ومن بعد، مجرد ضحايا مذبحة كاملة الشروط، قد تكشف الأيام عمن خطط لها، لهدف أشد لؤما وخسة من إزهاق أرواح أولادنا.. لكن فى نوبة من نوبات خفوت الحس الإنسانى، فى قنواتنا التليفزيونية، أعلنت عن الحصاد المر لما جرى: ثلاثة شهداء من الجنود، وسبعة عشر قتيلا من المتظاهرين.. وبهذه التفرقة الرعناء من الذين صاغوا الخبر يكونون قد اقترفوا عدة آثام فى جملة واحدة، فأولا المعركة لم تندلع بين أعداء، فالجندى كان من المحتمل أن يكون من ضمن الغاضبين، والمتظاهر كان أو سيصبح جنديا، لكن العديد من العوامل جعلت منهم جميعا ضحايا.. وثانيا، تكشف «الجملة» عن غبن زنيم للمتظاهرين، من أقباط ومسلمين.. وهى ثالثا، وليس أخيرا، توغر القلوب ضد بعضها بعضا.. بعبارة موجزة: كلهم شهداء.. وكلهم ضحايا.

 

فى أعقاب الأحد الدامى، أعلنت القنوات أن رئيس الوزراء سيلقى بيانا.. توقع البعض أن يأتى البيان من باب «المهيصة»، على طريقة رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق، يوم اعتذر عما جرى فى موقعة الجمل.. ولكن عصام شرف فاجأنا ببيان يفوق فى خوائه أشد الخيالات جموحا.. بدأ الرجل متداعيا، مفكك الأوصال، متلعثم الكلام.. ففيما يبدو أنه، وهو يلقى بيانه الخائب، أدرك مدى تهافت محتواه، وبُعده من مقتضيات الأمور، فبينما لم تجف دماء الضحايا، أخذ الرئيس يقول: الفتنة نائمة، لعن الله من يوقظها. وعندما أعيد البيان، لم يكترث له أحد.. والآن نحن، إلى أين؟

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات