نيازى مصطفى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 9:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نيازى مصطفى

نشر فى : الأربعاء 14 نوفمبر 2012 - 8:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 14 نوفمبر 2012 - 8:30 ص

لو أن ظروفنا سوية، لا تشدنا للقاع وللخلف، كنا، حتما، سنحتفل بعيد ميلاد هذا الرائد الذى فتح أكثر من طريق، لمن جاء بعده. أهميته ليست فى ريادته وحسب، بل فى إنتاجه العزيز، الذى تجاوز المائة فيلما، فالرجل، من فصيلة شغالات النحل، لا يعرف سوى العمل، يمارسه كما لو أنه يتنفس، ويحاول إجادته، بكل ما أوتى له من طاقة إبداعية، لذا فإن الكثير من إنجازاته، لا تزال نابضة بالحيوية والحياة، تبهج وترضى المصريين، والعرب، جيلا بعد جيل.

 

نيازى مصطفى «11 نوفمبر 1911 ــ 19 أكتوبر 1986»، درس السينما فى ألمانيا لعدة سنوات فى بداية الثلاثينيات، إبان إزدهار الفن السابع، باتجاهاته المتنوعة، قبل وصول النازى للحكم. وفى استوديوهات «أوفا» ببرلين، تعلم الكثير، خاصة المونتاج، والخدع، والتصوير.. وبعد عودته، كان من المنطقى أن يلتقى رجل «النهضة» العظيم، طلعت حرب، لينضم فورا، لاستوديو مصر، مونتيرا ومخرجا.

 

أول ما نقرأه فى قائمة نيازى، «سلامة فى خير» 1937، الذى لا يزال يعرض، بنجاح، على الشاشة الصغيرة، من قبل، ظهر نجيب الريحانى فى عدة أعمال سينمائية، لم تحقق نجاحا مرضيا، مما جعل الريحانى، فنان المسرح بامتياز، يكاد يعادى الشاشة الكبيرة. وبرغم المنازعات التى اندلعت بينه ونيازى، فإن الصورة الخلابة التى تألق فيها الكوميديان، دفعته لاستكمال مسيرته السينمائية، فأسند لنيازى، لاحقا، إخراج «سى عمر» 1941.. الفيلمان، ينتميان لكوميديا الموقف، ويبتعدان تماما عن الهزل. يعتمدان على المفارقة داخل الصورة، مع الاقتصاد فى الحوار، أصبح الفيلمان من كلاسيكيات السينما، يقاس بهما مدى جودة الأفلام الكوميدية الحديثة.

 

فى 1943 قدم نيازى «رابحة»، الذى حقق نجاحا هائلا للسينما المصرية، فى البلاد العربية، فاللهجة البدوية التى برع فيها بيرم التونسى، وأجواء الفيلم الصحراوية، وانتصاره للشخصية المحلية، وتدفقة بالحركة، كلها أمور جعلت الجمهور، خارج مصر، شغوفا به، حتى إن الناقد، المؤرخ السينمائى، التونسى، عبدالحكيم قابوس، يقول إن الجمهور التونسى، أخذ يتوافد على دار العرض، منذ الفجر، حاملا البطاطين، كى يحجز تذاكر الفيلم.. توالت أفلام نيازى البدوية، ببطولة زوجته «كوكا»: «عنتر وعبلة» 1945، «سلطانة الصحراء» 1947.. وعن هذه الأفلام، يقول الناقد المغربى، نور الدين الصايل، أنها كانت أقوى وأفضل خطاب من المشرق للمغرب.

 

فى «طاقية الإخفاء» 1944 تمكن نيازى من تنفيذ عدة حيل سينمائية، كانت جديدة أيامها، على الشاشة الكبيرة، مثل الاختفاء المفاجئ لهذه الشخصية أو تلك ومتابعة حركة طاقية فى الفضاء.. وتوالت أفلامه، بمعدل فيلمين أو ثلاثة كل عام، لا يتقيد فيها بنوع معين، ولكن يتجه إلا الأفلام الغنائية الاستعراضية، مثل «تاكسى الغرام» 1954، «صغيرة على الحب» 1966، وإلى أفلام المغامرات والعصابات، مثل «فتوات الحسينية» 1954، «رصيف نمرة 5» 1956.. والوطنية، مثل «أرض الأبطال» 1953، «سجين أبوزعبل» 1957.. وذات الطابع الدينى، مثل «رابعة العدوية» 1963.. والتاريخى مثل «فارس بن حمدان» 1966.. وهو فى كل اتجاهاته، يحاول أن تكون أعماله محكمة الصنع، يتوافر فيها حد ما من الجودة.. صحيح بعض أعماله متواضعة، لكن من حقه الاعتراف بفضل عينه اللاقطة، فى اكتشاف عدة وجوه، أصبح أصحابها من كبار النجوم: صورة نادية لطفى، سطعت لأول مرة، على الشاشة فى «سلطان» 1958، وكانت بداية محمود مرسى فى «أنا الهارب» 1962.

 

لاحظت أن فريد شوقى قام ببطولة ستة عشر فيلما من إخراج نيازى مصطفى، العديد منها من إنتاج فريد شوقى، وفى حوار مع نجمنا الكبير، سألته عن سر اختياره لنيازى.. أتذكر جيدا إجابة فريد شوقى التى تلقى ضوءا ساطا على مخرجه الأثير. قال، من دون تردد: لأن نيازى شديد الإخلاص والنزاهة، يراعى ضميره فى نقود المنتج، فمن المستحيل أن يقول «فركش»، فى يوم عمل، مهما كانت الظروف، فالإلغاء يعنى هدرا للمال، ولا يمكن أن أنسى يوم تغيب ممثل «دلوعة»، بلا سبب أو إخطار، فما كان من نيازى إلا الاستعانة «بدوبلير». شبيه، صوره من قفاه، منفذا ما خطط له.. ولم يفت فريد شوقى، أن يعاتبنى، وبقية النقاد، لإهمالنا فى دراسة نيازى مصطفى، والاعتراف بأنه، جزء قوى من عظم السينما المصرية، عاش مخلصا لفنه، لم يتوقف عن العمل يوما واحدا.. كل عام والعشرات من أعماله.. بخير.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات