سحر الحكايات - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 4:56 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سحر الحكايات

نشر فى : السبت 14 أغسطس 2010 - 2:58 م | آخر تحديث : السبت 14 أغسطس 2010 - 2:58 م
مثل كل شعوب الدنيا، نحن نحب الحكايات، وهى جزء من حياتنا، وخيالنا، تتضمن شيئا من الحكمة، والأمثولة، وتعبر على نحو ما، عن الواقع، والامنيات، حتى لو اتخذت شكل الملاحم الشعبية التى ظل الرواة يرددونها، فى الموالد والمقاهى، مع تغيير وتبديل بعض أحداثها، حسب مقتضيات الحال،

وربما نزولا على رغبة المستمعين. وطوال عدة قرون، قبل ظهور الراديو، كان الراوى هو نجم السهرات، خاصة فى ليالى رمضان. يقدم، منفردا، مسلسلا كاملا، يؤدى فيه عدة شخصيات، متباينة الطباع، وفيما يشبه الموسيقى التصويرية، يستخدم آلته الوحيدة، سواء كانت ربابة أو «فلوت» أو «مثلث»، لتكثيف الإحساس بالمواقف المختلفة، ويراعى أن يتوقف، فى نهاية السهرة عند نقطة مثيرة، كى يضمن حضور جمهوره، فى الليلة التالية.

مع اختراع المذياع وتطور فنونه، حلت المسلسلات مكان الرواة، واستوعبت الملاحم والقصص الشعبية، قدمت سيرة «عنترة» و«الزير سالم» و«أيوب وناعسة» و«أدهم الشرقاوى»، والأهم أنها اقتربت من الواقع بسرد قصص الأفندية والعمال والبنات والفلاحين، وبعد أن استمرت، لفترة، مجرد سباعيات، غدت تستغرق ثلاثين حلقة، وازدادت شعبيتها مع تنوعها، وتجلت ابداعاتها، خلال شهر رمضان، فكان من المألوف ان ينتظر الجمهور، بشوق، الحلقة الجديدة من ملوك الكوميديا، إسماعيل ياسين وحسن فايق ومارى منيب، ثم لاحقا، أبولمعة والخواجة بيجو، فى «ألف ليلة وليلة»، التى قدماها بطريقتهما.

ولم يفت الإذاعة، فى بعض ليالى رمضان، ان تتحف مستمعيها بسهرة تمتد لعدة ساعات، تلخص فيها إحدى مسلسلاتها الثلاثينية. جاء التلفاز، وسريعا، امتدت ساعات إرساله، وتنوعت برامجه، ولكن التمثيليات كانت فاكهته التى تطورت، واستطاعت أن تتحرر من أسر الغرف والصالات المغلقة، إلى الشوارع والحارات وأزقة القرى، وسواء كان هذا الخروج حقيقيا أو داخل الاستوديوهات، فان الأمر يعبر عن اقتراب هذه المسلسلات من حياة الناس.

. ومع تلاشى وانهيار فن المسرح ونشاطه فى بلادنا، والأزمة التى تعانيها السينما، بالإضافة لتكاليف السهر خارج البيت، أصبحت الشاشة الصغيرة هى الملجأ الآمن للأسرة المصرية، اقتصاديا ونفسيا وفنيا، ذلك أنها بلا تكاليف أولا، وتلبى الحاجة إلى مشاهدة ومتابعة حكاية، فضلا عن ارتفاع مستوى الكثير من مسلسلات تتسم بالتنوع الخصب، فأخيرا

.. لا تنسج الأعمال الفنية على منوال واحد أو منوالين، فبنظرة طائرة تتبين اتجاها نحو التاريخ، من الملكة «كليوباترا» إلى «ملكة فى المنفى»، ومن «الجماعة» إلى «شيخ العرب همام».. وثمة من يتوغل فى أحراش الواقع مثل «الحارة» و«بابا نور».. وهناك الكوميديا، والبوليسية، وذات الأصول الأدبية.. انها مائدة فكرية وفنية شديدة الثراء، كما وكيفا، يليق بنا أن نرحب بها، ولا نسمع أو نصدق تلك الأصوات السخيفة التى تؤنب الناس، وتستنكر استجابتهم لسحر الحكايات.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات