الألمانى.. فى أحراش القاع - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 8:08 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الألمانى.. فى أحراش القاع

نشر فى : السبت 14 يوليه 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 14 يوليه 2012 - 8:00 ص

علاء الشريف، مخرج جديد، جرىء، طموح، واعد.. اعتمد، فى أول أفلامه، على سيناريو كتبه بنفسه. تتجلى جرأته فى اختياره، ولو بحكم الضرورة، على عدد كبير من الوجوه الشابة، لم تظهر من قبل على شاشة السينما. وبلا  تردد، خرج مع مصوره محمد حمدى، من جدران الاستوديو، وتحرر من الشقق المفروشة، ليقتحم قاع المدينة، وهامشها، حيث الخرائب والمستنقعات والبيوت المتهالكة، الآيلة للسقوط، شأن سكانها.. وبعيدا عن الموضوعات المألوفة، المتكررة، فى أفلامنا المصرية، قرر، بطموح، أن يتعرض لقضية ملحة، واقعية، على قدر كبير من الأهمية، هى: كيفية صناعة البلطجى؟
«الألمانى»، بأداء محمد رمضان، المصرى شكلا ومضمونا، يطالعنا فى المشاهد الأولى، يقطع الطريق ــ أو الزقاق إن شئت الدقة ــ على شاب حديث السن، يجرده من جاكتته، وحين يمتنع الضحية عن تسليمه تليفونه المحمول، يطعنه «الألمانى» موديا بحياته.. الحادث، جرى تسجيله بكاميرا محمول، يصل إلى إحدى قنوات تليفزيون، تعرضه فورا وبحماس، وبينما ترتبك الحارة، يذهب مخرج البرنامج بحثا عن القاتل أو أحد معارفه، فالقضية على قدر كبير من الإثارة. يلتقى بوالدته، عايدة رياض، التى توافق على الظهور فى القناة نظير عدة آلاف من الجنيهات، ابنها القاتل فى حاجة لها، كى يتمكن من الهرب..

 

وأمام الكاميرات، تبدأ فى سرد حكايتها. وتتوالى مشاهد الفيلم كفلاش باك، أو عودة للماضى، ومثل معظم أفلامنا التى تعتمد على الفلاش باك، لا ينتبه المخرج، أو لا يكترث، بالتفرقة بين ما تعرفه الراوية، وما يعرفه صناع الفيلم، فثمة عشرات المواقف، نراها على الشاشة، من دون حضور الأم. بعبارة أخرى، لا يأتى السرد من وجهة نظر الأم بقدر ما يأتى من وجهة نظر المخرج الذى يجسد الأجواء الخانقة لحارة منسية، يعيش سكانها فى فقر مدقع، ماديا وروحيا، ويتابع، كيف رأى الطفل «الألمانى» والدته وهى تتعرض للمهانة، وأدرك أنه إما أن يصبح جلادا أو ضحية، ومع اختياره لطريق الشر، يغدو بلطجيا، يتاجر فى كل ما هو ممنوع، يفرد حمايته على بيت يدار للأعمال المنافية للآداب، وهنا تظهر مشكلة فنية مزدوجة للفيلم، ذلك أن وجوهه الجديدة، خاصة من البنات، فى مستوى يرثى له، تمثيلا، فالواحدة منهن تتبلد للحظات، أمام الكاميرا، قبل أن تبدى الانفعال المطلوب، الذى يأتى، غالبا، مصطنعا.. والأخطر أن مخرجنا يقع أحيانا، فى مصيدة كليشيهات السينما المصرية، فثمة فى البيت المشبوه، كالعادة، الرجل المخنث، ومديرة المكان البدينة، والضحكات الماجنة المفتعلة.. وينغمس الفيلم، بلا مبرر، فى تقديم عدة أغانى، تعرقل تدفق الفيلم، ولا تضيف جديدا، اللهم إلا تلك الأغنية البديعة، المفاجئة، التى تعبر عن الفيلم كله، والتى يغنيها مطرب موهوب لا أعرفه، اسمه «سمسم شهاب»، تقول كلماتها «لا بس وش مش وشى. تشوفنى تقول جبل واقف. وعامل إنى مابخفش. لكن دايما باكون خايف». انها أغنية تجسد بدقة، وشفافية، حالة «الألمانى»، المجرم المسكين، الذى يختبئ كفأر مذعور، خوفا من القبض عليه.. وها هو، فى النهاية، يجهش ببكاء مر، عقب قيام صديقه وأستاذه «الأصلى»، هكذا اسمه ــ بأداء جيد من ضياء عبدالخالق ــ بذبح الفتاة البريئة، كى يستولى على النقود التى تحملها الفتاة البريئة للألمانى.. وعندما يهاجمه بطلنا، البلطجى المهزوم، يقول الأصلى «انها تعاليم الشارع».. «الألمانى»، برغم عثراته، يبعث الأمل فى مخرج واعد.. ننتظر فيلمه القادم.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات