أكاذيب بيروت.. الجميلة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 5:19 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أكاذيب بيروت.. الجميلة

نشر فى : الأربعاء 13 يوليه 2011 - 9:33 ص | آخر تحديث : الأربعاء 13 يوليه 2011 - 9:33 ص

 الإعلانات جزء من الدعاية, والدعاية لا تخلو من المبالغة، فالهدف منها الترويج للسلعة أو المشروع أو الفكرة، وبالتالى عليها بالاعتماد على التجميل والتقريب والتحبيب، وهذا ما تجده متوافرا فى بيروت، مدينة الإعلانات بامتياز، تتفوق فى هذا المجال على القاهرة ودمشق وعمان وأى عاصمة عربية أخرى، والتفوق هنا كما وكيفا، فالإعلانات لا تختفى على جانبى الشارع، حتى إن المرء يحس أنه فى معرض لفن الإعلان، يتسم بالتنوع والإبهار، ربما تأثرا بالذوق الفرنسى الرفيع، تلمسه فى توافق الألوان وجرأة الخطوط، فضلا عن ذلك التجسيد البديع للأشياء، فإذا كان الإعلان عن مقويات فإن عضلات المرسوم تكاد تكون ملموسة، وإذا كان عن مستحضر تجميل فإن نعومة الوجه وشفافيته ورقته تدفعك لشراء السلعة كى تهديها لمن يهمك أمره، أو أمرها إن شئت الدقة، وإذا كان الإعلان عن مدرسة، فإن منظر الطفل الصبوح، المشرق، بابتسامته العذبة، تجعلك تتمنى إلحاق طفلك بتلك المدرسة.

بيروت مدينة مولعة بالجمال، لذلك فليست مصادفة أن تضم أكبر عدد من أطباء التجميل، وأصبح لجراحيها تخصصات متباينة: شفط الدهون، نفخ الشفاه، تكبير الأثداء، تنعيم البشرة، شد الجلد، تصغير الأنف.

طبعا، هذه العمليات خطرة، وصلت الآن، إلى بر الأمان، ولكن ــ كما قال أحد الأطباء ــ بعد مشوار من الفشل «التراجيكوميدى»، فأحيانا، كما كان يحدث منذ عدة عقود، يفاجأ الجراح مع «المجملة» أن أنفها أصبح معوجا أو مترهلا. وتارة تنتفخ الشفاه أكثر مما يجب فتبدو مثل البالونة الصغيرة، وفى مرات عدة تشفط دهون فخذ أكثر من الآخر، وبالضرورة، تبدو المؤخرة أقرب للكاريكاتير، كل هذا انتهى الآن، حسب قول الطبيب العاشق لمهنته، الذى أكد لى أن جراحة التجميل مرحلة أعلى وأندر من الجراحة العادية، وإذا كان الإنسان يهتم بتجميل بيته، وبيئته، فكيف لا يكترث بتجميل نفسه، سواء هو رجل أو أنثى.. ولم يفته ــ الجراح ــ أن ينظر بعينيه اللبنانيتين الذكيتين، نحو كرشى، نظرة ذات مغزى.. حينها، وليت الأدبار.

بيروت، مدينة مشغولة بالتأنق والحكايات. التأنق يتوفر حتى فى المحال الصغيرة، فسواء كانت بقالة ضيقة، أو مطعما كبيرا، لابد أن يكون نظيفا، مهندما، مريحا للعين، وغالبا.. ستسمع حكاية من صاحب المكان أو المسئول عنه، حقيقية أو مزيفة لا يهم، فالمهم أنها مرضية، مريحة، تختلق ألفة مع المكان، ولعل من أطرف هذه الحكايات، تلك التى رواها شاب فى مقتبل العمر، لا يتجاوز العشرين، نادل فى مطعم أنيق اسمه «السكرية» ــ وهذا ليس دعاية للمطعم فهو لا يقدم أفضل مما يقدمه الآخرون، وفاتورته أشد وطأة ــ قال الفتى حين التقط لهجتنا المصرية: إن لكم فى هذا المكان أكثر مما لنا فيه.. وبابتسامة العارف ببواطن الأمور، طلب منا أن ننظر إلى السقف. مرسوم عليه امرأة جميلة، راقصة أو جارية.. واصل حديثه: هنا عاش نجيب محفوظ سنتين من عمره. أحب هذه المرأة، واسمها «سكرية»، وأهداها المكان قبل عودته للقاهرة، وبدورها، حولته لمطعم يحمل اسمها، ثم آل إلى آخرين. لكن الجميع ظلوا مخلصين للاسم، تيمنا واحتراما لسكرية نجيب محفوظ.. وبرغم أننا، جميعا، نعلم علم اليقين، أن نجيب محفوظ، لم يسافر خارج مصر، إلا مرة أو مرتين، وبالتأكيد، لم يذهب للبنان، إلا أن القصة المختلقة، تركت فى نفوسنا شيئا من الإحساس بالبهجة والطرافة، شأنها شأن الإعلانات والوجوه المجملة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات