من يقف وراء الوحش؟ - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 7:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من يقف وراء الوحش؟

نشر فى : الأربعاء 13 يناير 2010 - 9:37 ص | آخر تحديث : الأربعاء 13 يناير 2010 - 9:37 ص

 لم نحب ونحترم صلاح أبوسيف من فراغ، أو لأسباب غير مفهومة، ولكن لأن أفلامه لم تمتعنا فحسب، بل جعلتنا نتفهم الكثير من جوانب حياتنا التى يعلوها ضباب..

أبوسيف أستاذ الواقعية، لا يكتفى بتجسيد دقيق لأحداث ووقائع تمر بنا، ولا يتوقف عند التصوير الأمين لنماذج بشرية تحيط بنا، ولكنه ينفذ برؤيته إلى قلب الظاهرة التى يتعرض لها، يضع يده على العوامل الدفينة التى أدت للظاهرة. إنه يرصد الجزء الخافى من جبل الجليد العائم.

من هنا جاءت أفلامه التى تبدو وكأنها لا تحاكى الواقع بقدر ما يبدو الواقع وكأنه يحاكيها، والأهم، أنها تجعلنا نطرح أسئلة جوهرية، هو نبهنا لها، لابد أن نبحث عن إجاباتها، حين نجد أنفسنا أمام أوضاع شبيهة بتلك الأوضاع التى حللها فى أفلامه.
فى هذه الأيام الكئيبة، تطالعنا الصحف كل صباح، بأخبار حول مذبحة «نجع حمادى»،

تتلخص فى أن مجرما خطيرا ــ بصرف النظر عن المقبوض عليهم ــ أطلق رصاصات غادرة، على جمع من مصريين، إثر خروجهم من كنيسة، عقب قيامهم بحضور صلاة العيد، وأن القاتل، مثل غيره من القتلة، من معتادى الإجرام، يهدف إلى ترويع الناس، وكان يحاول الوصول والاحتماء بالجبل، على طريقة سلالة «الخط»، الذى قدم صلاح أبوسيف أحد أبنائه فى «الوحش» 1954.

صلاح أبوسيف، كاتب السيناريو أيضا، مع نجيب محفوظ، وبحوار السيد بدير، لم يقدم «الوحش» على أنه جاء من فراغ، أو ولد وتعملق وزاول جرائمه على نحو فردى، ولكن رصد المناخ المحيط بالمجرم، وقبض، بالصورة والصوت، على من يحميه، ويستخدمه، وهو الإقطاعى «رضوان باشا» ــ بأداء عباس فارس ــ عضو مجلس النواب، المحترم مظهرا، الوغد جوهرا، الذى لا يقل إجراما عن الوحش.

العلاقة المشينة بينهما قائمة على مصالح منحطة، فإذا كان الوحش يساعد الباشا فى الانتخابات، ويتولى تصفية الحساب مع خصومه، فإن الآخر يتستر على جرائمه، يخرجه من قسم الشرطة، بنفوذه، ويأويه فى قصره عند الضرورة.. إنهما وجهان لعملة واحدة.

الآن، حسب رؤية صلاح أبوسيف، وسواء كان «حمام الكمونى» أو «حمام الطائر» هو الوحش فعلا أم لا، علينا أن نفكر ونبحث عن الغول الذى يقف إلى جانبه، ويرعاه.. وحتما، كما فى الفيلم، سيتخلى عنه، فى اللحظة الحاسمة.. لحظة العدالة.


كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات