حفلة منتصف الليل - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 4:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حفلة منتصف الليل

نشر فى : السبت 12 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 12 يناير 2013 - 8:00 ص

أعجبت بصناع هذا الفيلم ومنتجه، ليس بسبب جرأته الفكرية أو أسلوبه الفنى، ولكن لأنهم وافقوا على عرضه فى ظروف قاسية، فالمصريون، الآن، يتابعون، على نحو محموم، ما يدور فى الواقع من أحداث ساخنة، مقلقة، تؤثر فى حياتهم، بطريقة مباشرة. وإذا أضفت ظروف امتحانات نصف العام إلى المناخ الشديد البرودة، المحمل بأمطار ضاعفت أوحال الشوارع، سيتأكد مدى شجاعة نزول الفيلم إلى دور السينما.. هذه الأسباب، فضلا عما صرح به منيب شافعى بشأن الإيرادات الهزيلة للفيلم، دفعتنى، كأحد عشاق السينما المصرية، إلى مشاهدته، مقررا كتابة عمود إيجابى، لعل وعسى ينجح فى إغراء البعض ممن ضاقوا ذرعا بطوفان كلام «التوك شو» إلى إغلاق الشاشة الصغيرة، والذهاب إلى الشاشة الكبيرة، مساهمة فى دفع عجلة إنتاج عالم الأطياف.

 

بجاكتة مبلولة، وشاب تسربت له مياه البرك على الأرصفة، وقفت أمام شباك التذاكر وحيدا. ابتسم الموظف ولم يتسلم ورقة الخمسين جنيها، وطلب منى، بأدب وود أن أنتظر «الفرج»، متمثلا فى زبون آخر، قد يأتى، وحينها ستبدأ الحفلة، وأخطرنى أن الحد الأدنى للجمهور لا يمكن أن يقل عن فردين.. أصبحت أمام خيارين، إما أن أقف فى الصقيع مترقبا القادم المجهول، أو أن أدفع ثمن تذكرة ثانية. فضلت الاختيار الأخير، خاصة أنى لو عدت للبيت من دون المشاهدة، قد أواجه بتأنيب زوجتى التى حاولت إثنائى عن الخروج تحت المطر.

 

دخلت قاعة العرض الخاوية، أمامى الكشاف ببطاريته المضاءة.. وكما لو أنه يقدم منحة، قال مبتسما فى خجل: يمكنك أن تجلس حيث تشاء.. بدأ عرض «حفلة منتصف الليل»: فيللا أنيقة، حولها لافتات دعاية لمرشح الحزب الوطنى. عربات فارهة تصل تباعا، ينزل منها نساء بملابس السهرة. صواريخ الزينة تنطلق.. فى الداخل حفلة تقيمها «شهد» ــ رانيا يوسف ــ التى تهبط، متبخترة، على السلالم لتعلن أنها دعت كل المقربين لها. فجأة تغلق أبواب القصر. يقف داخل البهو رجال، من الصعيد، يحملون بنادق ورشاشات، مما يثير حفيظة الضيوف.. ينزلق الفيلم فى حوارات طويلة، أقرب للثرثرة، وبدلا من أن يجسد المخرج، محمود كامل، أجواء الإرعاب، تجد كل ضيفة، تقول «أنا خائفة»، من دون انفعال صادق.. يحاول بعض الضيوف المغادرة، لكن الحراس الأشداد يمنعونهم.. تختفى «شهد» لفترة، ثم تهبط ومعها عريسها حسن ــ بأداء رامى وحيد ــ وسريعا تطفأ الأنوار، ويعم التوتر، ويشاهد الجميع شذرة من تسجيل، بالصورة والصوت، للعريس بجانب امرأة مغطأة تماما. وتصبح القضية هى: من هذه المرأة، الموجودة فعلا بين الضيوف.. وهى قضية لا أهمية لها، ولا يثير التعاطف مع طرف ضد آخر، فالمسألة كلها لا تستحق أن يبنى عليها فيلما. وفيما يبدو أن كاتب السيناريو المبتدئ أدرك هذا، فحاول إضافة حوارات مترهلة عن الأموال الضخمة التى تكتنزها «شهد» على حساب الفلاحين، مع سرد حكاية بليدة تدور حول مقتل حبيب إحدى الصديقات، ويصل الأداء التمثيلى، عند الجميع، إلى درجة لا تصدق من الرداءة والركاكة.. يزيدها بؤسا ارتباك تحريك الممثلين، خاصة فى النهايات، حين ينقسم الحراس، ومعهم الضيوف، إلى فريقين، يطلق كل منهما وابلا من الرصاص تجاه الآخر.. وها هى إحدى المتوفيات، تسحب ملاءة على وجهها!.. خرجت من دار العرض لأواجه صقيعا أدفأ من الفيلم.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات