حجرة.. باتساع الدنيا - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 7:10 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حجرة.. باتساع الدنيا

نشر فى : الأربعاء 11 نوفمبر 2009 - 9:57 ص | آخر تحديث : الأربعاء 11 نوفمبر 2009 - 9:57 ص

 
بعيدا عن التاريخ المشترك، والمزاج المتشابه، والمصالح المتوافقة، ثمة أواصر أكثر عمقا، تربط المصريين بالسوريين، ربما تستعصى على التفسير الصارم، ولكنها واضحة وملموسة، ترصدها العين ببساطة ووضوح، عندما ترى أعضاء الوفد المصرى فى المهرجانات، فرادى وجماعات، ذابوا بين السوريين، فلكل منهم صداقات حميمة، وبالتالى تتمثل دمشق فى وجوه أثيرة، تسكن أفئدة المصريين.

بالنسبة لى، يزدحم قلبى بالأحباب، من بينهم الكاتب الشاعر الناقد، بندر عبدالحميد، المتمتع بنوع فريد من السكينة الروحية، صاحب الوجه الواضح القسمات، وشعر الرأس الكثيف، المتمرد على أسنان المشط، وربما على مقص الحلاق أيضا، ذلك الشعر الذى يزداد اشتعاله باللون الأبيض، سنة تلو الأخرى.

لكنى، مع بندر عبدالحميد، لا أشعر بمرور الزمن، فالحديث معه يبدأ من آخر جملة قيلت فى اللقاء السابق، الذى مضى عليه أكثر من عام.

المكان الذى نلتقى فيه هو شقة صغيرة يملكها بندر، تقع فى الدور الأرضى، تصعد درجتين لتدخل البيت حيث ممر قصير، ضيق، على اليمين الباب الذى تدخله بجنبك، تجد ما يشبه الصالة. هى كل شىء، فالشقة بلا حجرات، فقط صالة صغيرة تحتلها منضدة دائرية كبيرة، من الممكن أن يجلس حولها سبعة أو ثمانية أشخاص.

هم عادة من مختلف البلاد العربية، من بينهم فنان الكاريكاتير الموهوب على فرزلى، والتشكيلى صاحب الأسلوب المتميز جبر علوانى، والمونتير المتمكن قيس الزبيدى، وآخرون.. لكن فى القعدة الأخيرة، حدثت مفاجأة سارة، تمثلت فى مجىء المثقف الكبير، ميشيل كيلو، وكانت هذه هى المرة الأولى التى ألتقيه وجها لوجه.

الرجل يجمع بين دماثة الخلق، والتواضع، وعمق المعرفة، ووضوح الرؤية، لذا لم يكن غريبا أن يغدو مرجعية السهرة، يبدى وجهة نظره مدعومة بالتاريخ والقانون ومعطيات الجغرافيا، ومن قبل ومن بعد، يسير فى منطقة وفق بوصلة صحيحة، توصله ــ مع من معه ـ إلى الهدف المنشود.

أما عن الهدف المأمول، فإنه يتجسد فى العدالة والحرية، أمنية كل مثقف عربى، أيا كان اسم البلد الذى جاء منه، ومع استمرار المناقشة التى تتلمس الطريق نحو العدالة والحرية، تتلاشى جدران الحجرة التى نجلس فيها، فتبدو وكأنها باتساع الدنيا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات