قمر مصرى.. صناعة فرنسية - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 5:45 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قمر مصرى.. صناعة فرنسية

نشر فى : الأربعاء 11 أغسطس 2010 - 10:41 ص | آخر تحديث : الأربعاء 11 أغسطس 2010 - 10:42 ص
تمامًا كما حدث من قبل: جلس الوزير بوقارٍ فيما يشبه غرفة العمليات العسكرية، يتابع، بدرجة ما من القلق الممتزج بالثقة، عملية إطلاق القمر الصناعى «المصرى» «نايل سات 201»، وأمام شاشة كبيرة تعلقت العيون بصورة صاروخ يحمل قمرا. بدأ العد التنازلى، وعند الرقم «1» اندفع الصاروخ نحو السماء، مخلفا فى ذيله ذلك اللهيب المعهود. تعقبت الكاميرات ابتعاد الصاروخ عن الأرض إلى أن اختفى مع حمولته. عندئذ، ابتسم الوزير ابتسامة صغيرة تنم عن راحة وطمأنينة، بينما انتاب الآخرين موجة غامرة من السعادة، فقد تمت عملية الإطلاق بنجاح، وتبادل الجميع التهانى، ليس بين الموجودين داخل حجرة المتابعة وحسب، بل بين «الوفد المصرى الضخم» الذى عايش، على الطبيعة، لحظة بلحظة، إطلاق «القمر المصرى»، والذى لم يفته إرسال واستقبال تهنئة كل من يهمه الأمر.
فى اليوم التالى، بعث أعضاء الوفد المكون من مندوبى الصحف اليومية والحزبية والمستقلة وقنوات التليفزيون بتقارير تتغنى بهذا الإنجاز الكبير الذى سيعطى مصر «دورا رياديا جديدا».. وبعيدا عن الحساسية التى تثيرها مسألة الريادة التى تنذر بالشؤم، من الإنصاف أن نرحب بـ«نايل سات 201» كمشروع استثمارى ناجح، العائد المتوقع منه يفوق تكاليفه التى بلغت «237 مليون دولار أمريكى بتمويل من شركة نايل سات، بالإضافة إلى قرض بنكى»

وحين نقرأ التفاصيل ندرك أن هذا «القمر»، شأنه شأن الطائرة، أو السفينة الحديثة، صنع بأيدٍ أجنبية، وأطلق بصاروخ أجنبى، ومن أرض أجنبية، فالعقول الفرنسية فى شركة «تاليس» الفرنسية، هى التى صممت القمر وجعلته قابلا لاستقبال وإرسال «500» قناة تليفزيونية، وأن الخبراء الدوليين هم الذين صنعوا الصاروخ «إريان 5» الذى يحمل القمر «المصرى» إلى الفضاء الخارجى.. هكذا، من دون أن نسمع عن مهندس مصرى، أو خبير إلكترونى من بلدنا، شارك، ولو من باب التدريب، فى هذا المهرجان العلمى، الصناعى، الإلكترونى، الذى اعتبرنا أن من حقنا الاحتفال به، طالما دفعنا فيه نقودا، حتى لو جاء بعضها من بوابة القروض.

عمومًا، لسنا وحدنا فقط من نعلن فخرنا بأقمار نمتلكها، صنعها لنا الآخرون: فى عام «2000» أطلق «سعودى سات» من قاعدة «بيكاتور» بكازاخستان، بواسطة الصاروخ «دنبر» الروسى، وأيامها قيل إن السعودية دخلت عصر الفضاء، كذلك الحال بالنسبة للمغرب والجزائر والإمارات، كلها، أطلقت أقمارها بصواريخ فرنسية وهندية وروسية.. الوحيدتان اللتان اعتمدتا على قدرتهما، فى منطقتنا، هما إيران وإسرائيل وإيران أطلقت «أوفيد» أو «الأمل» بصاروخ «سفير 2»، والثانية، منذ سنوات، تبعث بأقمار التجسس بانتظام، من قاعدة بجنوب تل أبيب. الأمر الذى يمثل تحديا لنا، لعلنا نستجيب له على نحو يختلف عن وهم الإنجاز، بعقل وسواعد الآخرين.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات