معرض.. خيرى شلبى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 8:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معرض.. خيرى شلبى

نشر فى : الأربعاء 11 مايو 2011 - 8:52 ص | آخر تحديث : الأربعاء 11 مايو 2011 - 8:52 ص

 عادة، يتراءى لى خيرى شلبى كفلاح أصيل، جاء إلى العاصمة حاملا فى ذاكرته المتوقدة الحواس، رائحة الأرض المروية بماء النيل، وملمس ما تجود به الأشجار من عطايا، ومنظر عشرات الطيور والدواجن والدواب. وفى المدينة، عمل بشتى المهن، المتعبة والمريحة.

ربما عامل ترحيلة أو بناء، يعيش يوما بيوم، يقف أمام عربة الفول ليلتهم، مع أقرانه، ما يتوافر فى الطبق الصاج، ويقضم، بشهية مفتوحة، بصلة ناصعة البياض.. وربما اشتغل فى ديوان لا يخلو من فخامة، يجلس على كرسى وثير لمكتب كبير فوقه «أباجورة»، يقرأ بلا كلل شكاوى الناس، ويحاول حلها وهو يدرك أنها مزمنة، حلها عسير.. هكذا هو فى رواياته وقصصه القصيرة.. خيرى شلبى، أحيانا، يبدو لى وكأنه عايش أجيالا سابقة، يحدثك حديث العارف بعبدالله النديم وأحمد عرابى وقاسم أمين وسعد زغلول. وغالبا، أراه متمتعا بروح شاب فى مقتبل العمر، مفعم بالأشواق والأمل، يتأمل الجوانب المضيئة فى الوقائع والبشر.
إنه صاحب خبرة عميقة، شاملة، بالحياة، والتاريخ، والثقافة، والأشياء عموما. والآن، فى كتابه الذى سماه «عناقيد النور»، يقدم معرضا جميلا لبورتريهات، رسمها بريشة مغموسة بألوان المحبة والاحترام.

يتلمس خيرى شلبى وجوه معرضه بحنو، كلهم عنده أقرب للفواكه النضرة، فذقن سعد زغلول مزدانة بطابع الحسن فى منتصفها، تذكره «بحبة الكمثرى»، وقاسم أمين مثل «حبة الأناناس» أو الأدق «كوز العسل». ويشرح الرسام قصده «كوز العسل من الفواكه بين الأناناس والعجور الأصفر والشمام، محندق الحجم، جمع فى مذاقه نكهة هذه العائلة كلها جنوحا نحو السكرية الكثيفة فسماه الفلاحون كوز العسل». وعن عبدالعزيز البشرى يقول إن وجهه أقرب إلى «شمامة إسماعيلاوية طابت واستوت حتى تفتقت من أسفلها فصار منظرها فاتحا للشهية بعطرها الفواح الارستقراطى النكهة».. أما يوسف إدريس فإنه، عند خيرى شلبى بمثابة «الملح على مائدة الحياة المصرية، وبغيابه صارت الحياة ماسخة، دلعة، لا طعم لها ولا حرارة فيها».

يرصد خيرى شلبى ما يحيط بالوجه، وما يعلو الرأس، سواء كان طربوشا، مثل طربوش المازنى «الأحمر القانى، المنسكب على جبينه كله، يضفى على الوجه أبهة وأهمية»، أو «كاسكيت» الذى استبدله توفيق الحكيم بالطربوش منذ سفره لفرنسا «يلبسه كما يلبس الطاقية».. ولكن خيرى شلبى لا يفوته أن يرى ما قد يكون خافيا. جورجى زيدان، فى معرضه «لا يرتدى العقال فوق رأسه، لكن العقال مطبوع فى رأسه على جينات الوراثة فكأنه ولد به وقد خلعه مؤقتا ليعدل من وضعه فحسب».. ولا يفوت صاحب المعرض أن يستفيد من نفسه الروائى، وحس الدعابة، فيصف طربوش عبدالرحمن شكرى كالتالى «حابك على الجبين فى صرامة وصلابة حتى ليخيل إلينا أنه لا يمكن أن يقع أو يميل حتى لو ضربناه بمضرب الهوكى».

الأهم، لا يرسم خيرى شلبى الـ«21» شخصية التى يقدمها من الخارج، ولكن يبين بجلاء، على نحو يجمع بين الدقة والشمول، دور كل واحد منهم فى حياتنا الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية، مما يزيد من رونق وجدوى هذا المعرض الممتع والشائق والمفيد معا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات