ثقافة.. أربيل - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 6:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثقافة.. أربيل

نشر فى : الخميس 12 أبريل 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 12 أبريل 2012 - 8:00 ص

قبل أن نجلس، عقب عزف السلام الوطنى العراقى، فى افتتاح معرض الكتاب الدولى بأربيل، كان علينا أن نظل وقوفا، لأن الفرقة الموسيقية أخذت تعزف السلام الوطنى الكردى، بدا الأمر غريبا بالنسبة لنا، مجموعة المثقفين المصريين القادمة من القاهرة، المكونة من جابر عصفور، صلاح فضل، على أبوشادى، حسين عبدالرازق، فأحد منا لا يتخيل أن يكون للإسكندرية أو أسوان أو سيناء أو النوبة، سلام وطنى مستقل ومنفصل عن السلام الوطنى العام.. لاحقا، قرأت ترجمة عربية للنشيد المكتوب باللغة الكردية، تجمع معانيه بين روح التحدى، وقوة العزيمة، كأن كاتبه، الشاعر الشهير هناك، يونس ملا رءوف، انتهى من معركة توا، أو سيدخل ــ مع مواطنيه ــ معركة جديدة «أيها العدو/ إن الأمة الكردية مازالت حية بلغتها/ لن تقهر بأسلحة أى عصر/ لا أحد يقول إن الكرد ماتوا/ الكرد مازالوا أحياء/ وسيبقون أحياء».

 

جدير بالذكر، كى تستكمل بعض أجزاء الصورة، أن معظم الشباب، حتى سن الثلاثين، لا يتحدثون العربية، إما جهلا أو رفضا، وفى تفسير  ذلك، أرجع أحد المثقفين الأكراد، سبب الانصراف ــ المؤقت ــ عن اللغة العربية، إلى موقف العرب المتخاذل، إزاء اضطهاد الأكراد، وغض النظر، والتواطؤ بالصمت، والشجب بالكلمات لا بالأفعال، للمذابح التى تعرضوا لها، فيما يشبه الإبادة الجماعية، حيث كانت إحدى ذرواتها ما جرى فى حلابجة خلال عدة أيام من شهر مارس 1988، وأزهقت أرواح عشرات الآلاف من سكان تلك المدينة المنكوبة، التى لا تزال الطيور ــ والقول لمحدثى ــ تتحاشى الاقتراب من فضائها.

 

فى أحد المطاعم الكبيرة، بدعوة من الصديق فخرى كريم، صاحب دار المدى، كان الرواد يتحدثون الكردية، لكن الصوت العربى الذى غطى على كل اللهجات، هو صوت أم كلثوم الذهبى العميق، المنطلق من سماعات موزعة فى أركان المكان.. هكذا، كما لو أن للفن قدرة على تضميد الجراح، حتى الغائر منها.

 

لكن للعربية حضورا آخر يتمثل فى ثلاثة أرباع مليون كتاب، عماد المعرض المذكور. صحيح يوجد آلاف الكتب المؤلفة، باللغة الكردية، والمترجمة لها، إلا أنها لا تنافس أو تزاحم مجمل الكتب العربية.. جاء المعرض، فى أعقاب مؤتمر القمة الذى وصفته الصحف بأنه «مؤتمر الغمة»، نظرا لما شابه من فساد كبير، خصوصا «فى ملف إعمار الفنادق، وشراء 60 سيارة مصفحة من شركة إماراتية وبناء 12 فيللا، تستفيد منها قيادات حزبية متنفذة، وبلغ حجم الهدر من أموال العراقيين مبالغ تجاوزت المليارى دولار» وبينما تواصل الجرائد فضح الحكومة المركزية فى بغداد، تثمن الصحف معركة الكتاب، تثمينا رفيعا، لعل أهمه يتمثل فى ردم الهوة الفاصلة بين الأكراد والثقافة العربية، فضلا عن اهتمام القراء بالكتب الضخمة، فالإحصائيات تشير إلى أن الكتب الأكثر مبيعا، هى «الشخصية المحمدية» لمعروف الرصافى، «العمامة والأفندى» لفالح عبدالجبار، «مبارك وزمانه» لمحمد حسنين هيكل.

 

أما عن «أربيل» نفسها، فإنها تكاد تكون المدينة الوحيدة الخالية من المتسولين، ربما لأن فرص العمل متوافرة للجميع، فإذا تلفت حولك سترى حركة بناء نشطة، عمارات، فنادق، مولات، مدارس، مستشفيات، لذا فثمة وفود لا تتوقف من رجال أعمال ومندوبى شركات، تركية، إيرانية، كورية، ولن تجد مصرية، والأهم، تشييد الجامعات، خاصة جامعة «السليمانية» التى أبهرت الأستاذين الجامعيين المحترمين: صلاح فضل وجابر عصفور، وهذه الجامعة تستحق وقفة تأمل.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات