هكذا يتحدث الكبار - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 7:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هكذا يتحدث الكبار

نشر فى : السبت 11 أبريل 2009 - 10:18 ص | آخر تحديث : السبت 11 أبريل 2009 - 10:18 ص

 لايزال أصداء «عصفور النار» يتردد عند كل من شاهده. المسلسل قوى، يتمتع بحمولة فكرية وفنية هائلة، يحتمل العديد من التفسيرات، من الممكن متابعته على أنه حكاية عمدة طاغية، استولى على «العمودية» بعد أن قتل شقيقه، قام بتربية ابنة شقيقه وأحبها كأنها ابنته.

عمة الابنة تعرف الحقيقة وتكتمها فى صدرها خوفا من انفجارات دامية.. لكن المسلسل الذى كتبه بوهج لامع أسامة أنور عكاشة، وأخرجه بتمكن محمد فاضل أكبر من مجرد الحدوتة المثيرة، فآفاقها المتسعة تشير إلى وأد ديمقراطية وليدة آن لأهل القرية أن تتنفسها، لكن الديكتاتور يستولى على السلطة، بزعم أنه يعرف مصلحة البلد أكثر من أهله.

وصل الأداء التمثيلى فى المسلسل إلى قمة رفيعة، خاصة بالنسبة لأمينة رزق، شقيقة القاتل والقتيل، ومحمود مرسى، العمدة الطاغية.. وعلى فترات متلاحقة أتيحت لى فرصة الحديث مع الفنانين الكبيرين: أمينة ومرسى، وتحدث كل منهما عن الآخر.

قالت أمينة رزق: فى الكثير من مشاهد «عصفور النار» يندلع حوار صامت مع محمود مرسى، هو وأنا نعرف العديد من الوقائع التى لا نريد التحدث عنها. إنها جروح قديمة غائرة نتحاشى الخوض فيها، فبيننا جثة شقيقنا الذى قتل على يد رجاله.

وطوال الحلقات نتحسس هذه الجروح بنظراتنا. ولأن محمود مرسى على درجة كبيرة من رهافة الإحساس، كان يضمن نظرته لى رسالة تحذير لابد أن أرد عليها، إما بتحذير مضاد، وإما بتنهيدة أسى. خريطة العواطف عنده واضحة برغم اضطرابها وتداخلها، يعبر عنها بالنظرة واللفتة. إنه ممثل شداد، يجذب من أمامه إلى أعلى.

وبدوره قال محمود مرسى: لم أكن قد التقيتها منذ فترة طويلة، فوجئت بعوامل الوهن قامت بغزوها، أصبح حجمها ضئيلا، منكمشة على نفسها.. وحين وقفت أمامى لتصوير أول مشهد باغتتنى بأمينة رزق أخرى، غدت أطول قامة، تقف راسخة على قدميها، تلاشت فى نظرى تجاعيد وجهها، ووجدت نفسى إزاء امرأة قوية، صعبة المراس، تلتمع عيناها بإرادة التحدى، تتبادل معى حوارا خفيا، عنيفا، كلانا فقط نعرفه ولا نريد الإفصاح عنه. إنها يقظة، فعالة ومبادرة، يرجع لها الفضل فى نجاحنا سويا.

هكذا تحدث الكبار، خلقا وفنا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات