تعليقات القراء غالبا ما تكون انتقادية وحافلة بالذم ومهينة - قضايا إعلامية - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 11:08 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تعليقات القراء غالبا ما تكون انتقادية وحافلة بالذم ومهينة

نشر فى : الأربعاء 11 فبراير 2015 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 11 فبراير 2015 - 8:00 ص

نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا للكاتب ديفيد بروكس حول مقالات الكتاب وتعليقات القراء المسيئة التى تخلق صراعا يعكس عداء بين الطرفين بصبغة ثأرية، مشيرا إلى ما يقوم به جنود داعش على الإنترنت من إساءة سواء بالتعليق أو المشاركة بجرائمها على الانترنت. يبين بروكس فى بداية مقاله أنه عندما تقرأ إصدارات الإنترنت من أعمدة الصحف، يمكنك النقر لتصل إلى تعليقات القراء، وغالبا ما تكون انتقادية، حافلة بالذم، ومهينة. وقد اكتشف أنه لن يستطيع التعامل مع هذه التعليقات إلا من خلال مقولة «أحبوا أعداءكم.»

حيث يرى أنه من المضر نفسيا قراءة هذه التعليقات باعتبارها تقييمات لفكره، وأخلاقه أو مهاراته المهنية. ولكن إذا قرأها واهما أن هؤلاء أصدقاء أعزاء يقدمون له أفضل الأفكار، ثم تجاوزت عينيه الإهانات، يمكنه أن يتعلم شيئا. واعتبر بروكس السبيل إلى ذلك، إبعاد مسألة «ذاته»، عن الأمر ــ وهذا ممكن فى الواقع ما لم يكن المعلق موجه الإهانة مبدعا فعلا.

•••

ولا يواجه كتاب الأعمدة فى الصحف، وحدهم، هذا النوع من المشكلات حيث يتعرض جميع من يكتب على الإنترنت للإهانة، والتصيد، والكراهية والقسوة، كما يوضح بروكس؛ فمعظم هذه الاعتداءات الممارسة على الانترنت عبارة عن ألاعيب من أجل الهيمنة؛ فهى محاولات يقوم بها موجه الإهانة لتأكيد تفوق مكانته، من خلال توجيه قسوة لا مبرر لها نحو هدف معين.

ويعتبر بروكس الانجرار إلى منطق هذا الصراع على المكانة، أسوأ استجابة. فإذا تعامل مهاجمك بعجرفة، تتعامل معه بغطرسة، وبذلك تضع نفسك ومكانتك فى الصدارة. وتدخل دورة من الانتقام على لوحة المفاتيح. وينتهى بك الأمر إلى «ذات» منتفخة على نحو مؤلم، عرضة للخطر بشكل دائم، تحتاج إلى تأكيد نفسها، وحساسة للإهانة.

ويوضح أن الخروج من المباراة، أفضل طريقة للرد، بمعنى الخروج من المنافسة على المكانة. حيث يشكل العداء قيدا سيئا على العقل، كما أن الخيلاء شعور مؤلم. ويستطيع الشخص القادر على تهدئة النفس، رؤية العالم بوضوح، والتمكن من الموضوع محل المناقشة، والسيطرة على الوضع.

ويشير بروكس إلى إعجاب الكتاب الخاص تاريخيا لأولئك الذين يمكنهم تهدئة النفس حتى فى خضم الصراع. وضرب المثل بابراهام لنكولن الذى حوصر فى وسط حرب أهلية مروعة. وكان من الممكن أن يكون طبيعيا بالنسبة له أن يعيش بمشاعر ملتهبة ــ زاخرة بالسخط تجاه أولئك الذين بدأوا الحرب، والعداء تجاه أولئك الذين قتلوا رجاله، وقد ينتهى بهم الأمر إلى قتله شخصيا. ولكن جاء خطاب افتتاح ولايته الثانية مثالا للارتفاع فوق النزوع الطبيعى للعداء، وبدلا من ذلك، تبنى موقفا ساميا.

•••

وينتقل بروكس إلى الوجه المتطرف لهذه الممارسات حيث الإرهاب الذى تقترفه داعش هذه الأيام والذى يقع فى تصنيف يختلف عن القبح على الإنترنت. ولكن قطع الرءوس والجرم الوحشى المتمثل فى حرق البشر إهانات أيضا مصممة لتوليد استجابة مادية. فهى نوع مختلف من لعبة الهيمنة، ومحاولات يقوم بها عدد ضئيل من الأفراد لإجبار العالم على الاعتراف بقوتهم ومكانتهم.

ويبرر بروكس قيام رجال داعش بحرق الرهائن أحياء بأنهم بذلك يفوزن بالثناء من زملائهم، ولأن ذلك يكسب الاهتمام، علاوة على الفوز بنوع من الاحترام المنحرف المصاحب للخوف. وعلى الرغم من القول بأن الإرهاب عمل من أعمال الحرب، إلا أن بروكس اعتبره خطأ؛ فهو فعل من أفعال السخرية. وليست أشرطة الفيديو القاتلة، سوى محاولات لجعل بقيتنا يشعرون بالعجز، والتردد بسبب الخوف، والتشوش بسبب الاشمئزاز.

ولا شك أن الطريقة الثأرية فى الرد، هى الطبيعية والأسوأ؛ فإذا قتلوا واحدا من رجالنا، سوف نقتل اثنين من عناصرهم، كما فعل الأردن. العين بالعين والسن بالسن. وإذا قتلوا، فسوف نقتل. وكان هذا النوع بالضبط من أنواع استراتيجيات تجنيد الدواعش. فهو يورطنا فى حرب عدمية على المكانة: بربريتهم وردنا عليها.

ويشير بروكس إلى امتلاء العالم بشبان مغمورين يتوقون إلى الشعور بالأهمية، ويرغبون فى أن يصدموا العالم ويضرموا النار فى الناس فى ملحمة الصراع على المكانة مع القوى السائدة. ولكن الطريقة الأفضل للرد، تخفيف الشعور بالاشمئزاز وتهدئة الانفعالات؛ والخروج من لعبتهم. والتأكيد على أولوياتنا. وليست مهمة العالم فى منطقة الشرق الأوسط هزيمة داعش فهى مجرد عقبة همجية وإنما التأكيد على أسبقية التعددية والحرية والديمقراطية، وإخماد الحماس وزراعة الشك الذاتى. وينبغى على العالم تدمير داعش بالقوة الصلبة، على أن يكون ذلك لتحقيق تلك الغاية الأخلاقية العليا. فقد فقد الكثير من الناس الثقة فى تلك المهمة الديمقراطية، ولكن من دون تلك المهمة لن نكون أكثر من مجرد جيش فى صراع الهمجية. ولن تكون أفعالنا سوى قذائف فى الحرب من أجل المكانة.

•••

وفى نهاية مقاله، يبين بروكس أنه حاول وصف السجال بين الصراع والأنا، فى الساحات قليلة الأهمية (قسم التعليقات) وفى الساحات الوحشية (الحرب ضد الدولة الإسلامية). وفى جميع الحالات، يلهب الصراع الأنا، ويشوهها ويخفض من قيمتها. مشيرا إلى كسر أولئك الذين يفوزون بإعجابنا تلك السلسلة. فهم يقومون بتهدئة ذواتهم، ويبتعدون عن حرب المكانة، ويركزون على المهمة الأكبر، ويرفضون المنطق الصبيانى حول رموز الشرف والصراعات على المكانة، ويتبعون منطقا أكثر تحضرا، لا يجعلنا نشبه أعداءنا.

التعليقات