أولاد عرفة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 4:56 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أولاد عرفة

نشر فى : الجمعة 11 فبراير 2011 - 10:54 ص | آخر تحديث : الجمعة 11 فبراير 2011 - 10:54 ص

 تمنيت أن يكون بيننا، فى هذه الأيام المتلألئة بالأنوار والأمل، كى يرى، بعينيه، كيف تحولت توقعاته، إلى حقائق ملموسة، ذلك أنه هو القائل، بعد مئات الصفحات من الثورات المجهضة بفعل الوعود الكاذبة: إذا كانت آفة حارتنا النسيان فقد آن لها أن تبرأ من هذه الآفة، وأنها ستبرأ منها إلى الأبد.

هكذا تحدث نجيب محفوظ، وهذا ما يؤكده، الآن، شباب مصر العظيم، بعد أن استوعب درس التاريخ الذى يدفعك دفعا إلى عدم الثقة فى الوعود، خاصة إذا كان من قطعها فى مأزق، ذلك أنه من المؤكد، بعد انتهاء غمته، واسترداده لأدوات بطشه، سيثأر لنفسه بلا رحمة. لقد كان أمامه، طوال ثلاثة عقود، أن يحقق شيئا من العدل، وأن يحافظ على شىء من كرامة المواطنين، وأن ينأى عن السلطة بعد دورة أو دورتين، وأن يدافع عن خيرات البلاد، بمصانعها وأرضها وبترولها وغازها، وهذا ما أقسم على تنفيذه، عدة مرات، من دون أن يتحقق منها شىء.

نعم، ثمة إعلان أنه لن يبقى على سدة الحكم فترة جديدة، ولكن الشباب يتخوف من سيناريو متوقع ينص على عودة الشبيحة وشذاذ الآفاق والمغلوبين على أمرهم، كى يهتفوا «بالروح والدم نفديك يا...»، مطالبين ببقائه لاستكمال المشوار. حينها سيلقى بخطاب عاطفى مؤثر، يعلن فيه أنه، برغم متاعبه وعنائه، ينحنى لإرادة الشعب، ويقبل المسئولية الجسيمة، مكررا، ذات الوعود.

لكن، من أين جاء هذا الشباب، الذى باغت الجميع بوعيه وشجاعته؟.. إنه أحدث أجيال «أولاد حارتنا»، تلاميذ «عرفة»، صاحب سحر «المعرفة».. تلك المعرفة التى كان لابد منها لمواجهة «الناظر الجشع وفتواته المجانين».. إن المعركة الآن، بين الشباب والنظام المزمن، تبدو فى بعد من أبعادها، بين المستقبل والماضى، بين العلم والجهل، بين أبناء القرن الواحد والعشرين وآخرين يعيشون فى القرن الثامن عشر، بين من يعرفون أسرار التواصل ويجيدون استخدام «النت» و«الفيس بوك»، ومتخلفين لا يعرفون سوى خطف البشر واستخدام الهراوات وركوب الجمال، ويحاولون، عبثا، امتطاء صهوات الخيول.. بين مشارف عهد جديد، ومستنقع واقع قديم.

حين صدرت «أولاد حارتنا»، منذ ما يقرب من النصف قرن، لم تكن منجزات التواصل الحديثة عرفت بعد، لكن نجيب محفوظ، الملهم، صاحب البصيرة النافذة، المستوعب لقانون التحدى والاستجابة، المؤمن بقدرة الشعب المصرى وقوته، أدرك أن النصر سيكون لمن يعرف، ويعلم، أيا كانت نوعية المعرفة والعلم، وأن الخوف سيستحوذ على «الناظر ورجاله»، وبالتالى سينهالوا «بالعصى للنظرة أو النكتة أو الضحكة».. وبرغم ذلك البغى، وبفضل شبابنا أبناء «عرفة»، يكشف لنا عن طالعنا، بكلماته الدقيقة، الحكيمة، منهيا روايته الملحمية العظيمة قائلا: «لابد للظلم من آخر، ولليل من نهار، ولنرين فى حارتنا مصرع الطغيان، ومشرق النور والعجائب».

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات